قولهم: أدرجت الكتاب؛ أي: طويته وأدرجت الدلو إدراجا إذا متحتها ومتح من باب نفع يقال: متحت الدلو إذا استخرجتها برفق فكأن القارئ إذا قرأ كلمة وتعداها إلى غيرها قد أدرجها وطواها، وقوله: على إعرابه؛ أي: حركة إعرابه وفي حركات أواخر السور المذكورة ما هو حركة إعراب كآخر القدر، والتكاثر، والعصر، والماعون، والكوثر، والناس، وباقيها حركة بناء كالتين، ولم يكن، والزلزلة، والكافرين، والفلق، فلم يرد بقوله: إعرابه إلا مجرد الحركة وكان يغنيه عن ذلك أن يقول: وأدرج على تحريكه ما سواهما.
أي: لفظ التكبير وسكن الراء من أكبر حكاية للفظ المكبر؛ لأنه واقف عليه فهذا هو المختار في لفظة التكبير، قال ابن غلبون: والتكبير اليوم بمكة الله أكبر لا غير كما ذكرنا في الأحاديث التي تقدمت وهو مشهور في رواية البغي وحده، وقال مكي: الذي قرأت وهو المأخوذ به في الأمصار الله أكبر لا غير وقوله: وقبله؛ يعني: قبل التكبير لأحمد؛ يعني: البزي زاد بن الحباب وهو أبو علي الحسن ابن الحباب بن مخلد الدقاق قرأ على البزي، وروي عنه التهليل قبل التكبير وقوله: فهيللا؛ أي: فقال: لا إله إلا الله، والأصل أن يقال فهللا وأنما الياء بدل من أحد حرفي التضعيف نحو قولهم: تطنيت يقال: قد أكثرت من الهيللة أبدلت الياء من عين الكلمة؛ لتكرير اللامات حكى أبو عمرو الداني في كتاب التيسير عن الحسن بن الحباب قال: سألت البزي عن التكبير كيف هو فقال لي: لا إله إلا الله والله أكبر، قال الداني وابن الحباب: هذا من الإتقان والضبط وصدق اللهجة بمكان لا يجهله أحد من علماء هذه الصنعة، وبهذا قرأت على أبي الفتح وقرأت على غيره بما تقدم، وحكي عن ابن الحباب أيضا أبو طاهر ابن أبي هاشم ذكره الحافظ أبو العلاء فقال: لا إله إلا الله والله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم.
أي: بما نقله ابن الحباب وهو معنى قول الداني: وبهذا قرأت على أبي الفتح، وقال في غير التيسير: حدثنا أبو الفتح شيخنا حدثنا عبد الباقي بن الحسن حدثنا أحمد بن صالح عن ابن الحباب عنهم؛ يعني: بالتهليل قال أبو عمرو: وبذلك قرأت على فارس أعني بالتهليل والتكبير وأبو الفتح هذا هو فارس بن أحمد بن موسى بن عمران الضرير الحمصي سكن مصر قال الداني في تاريخ الفراء أخذ القراءة عرضا وسماعا عن غير واحد من أصحاب ابن مجاهد وابن شنبوذ وغيرهم، ثم قال: لم يلقَ مثله في حفظه وضبطه وحسن تأديته وفهمه بعلم صناعته واتساع روايته مع ظهور نسكه وفضله وصدق لهجته وسمعته يقول ولدت بحمص سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة، وتوفي -رحمه الله- بمصر في ما بلغني سنة إحدى وأربع مائة وقد ذكره أبو عمرو الداني أيضا في أرجوزته التي نظمها في علم القراءة فقال:
ممن أخذت عنهم ففارسوا ... وهو الضرير الحاذق الممارس