كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ: أَشْهَدُ لِلَّهِ أَنَّهُ قَالَ ثَلَاثًا. أَشْهَدُ لِلَّهِ، أَيْ بِاَللَّهِ فِيهِ بَيَانُ دَرَجَةِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَمَنَّاهَا لِنَفْسِهِ مَعَ عُلُوِّ دَرَجَتِهِ، وَتَمَنَّى تَكْرَارَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى لِيَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ مَا لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الدَّرَجَاتِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ وَلَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ فَيَتَمَنَّى الرُّجُوعَ إلَى الدُّنْيَا. وَلَهُ الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا إلَّا الشَّهِيدَ» فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى الرُّجُوعَ لِيَسْتَشْهِد ثَانِيًا مِنْ عِظَمِ مَا يَنَالُ مِنْ الدَّرَجَةِ.
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُهْتَمًّا فَقَالَ: (٢١ ب) مَا لَكَ؟ فَقُلْت: اُسْتُشْهِدَ أَبِي وَتَرَكَ دَيْنًا وَعِيَالًا. فَقَالَ: أَلَا أُبَشِّرُك يَا جَابِرُ، إنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَلَّمَ أَبَاك كِفَاحًا. أَيْ شِفَاهًا فَقَالَ: تَمَنَّ يَا عَبْدَ اللَّهِ. فَقَالَ: أَتَمَنَّى أَنْ أَحْيَا لِأُقَاتِلَ فِي سَبِيلِك ثَانِيًا فَأُقْتَلَ. فَقَالَ: قَدْ سَبَقَ مِنِّي الْقَضَاءُ بِأَنَّهُمْ إلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ. وَلَكِنِّي أُبَلِّغُك الدَّرَجَةَ الَّتِي لِأَجْلِهَا تَتَمَنَّى مَا تَتَمَنَّى» .
٣٠ - وَذَكَرَ عَنْ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ جَيْشًا وَفِيهِمْ ابْنُ رَوَاحَةَ. فَغَدَا الْجَيْشُ وَأَقَامَ ابْنُ رَوَاحَةَ لِيَشْهَدَ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ رَآهُ فَقَالَ: يَا ابْنَ رَوَاحَةَ أَلَمْ تَكُنْ فِي الْجَيْشِ؟ قَالَ: بَلَى. وَلَكِنِّي أَحْبَبْت أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute