الثَّوَابِ. وَقَدْ أَرْشَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَى ذَلِكَ فِيمَا قَالَ، لِأَنَّ الْجِهَادَ أَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ وَهُوَ الشِّرْكُ، وَإِعَانَةُ الضَّعِيفِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِدَفْعِ أَذَى الْمُشْرِكِينَ عَنْهُمْ، وَإِرْشَادُ الْأَخْرَقِ وَهُوَ الْمُشْرِكُ. فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَالِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُرَابِطِ.
٢٢ - قَالَ: وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: إذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِيَنِ، وَاتَّبَعْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَكَرِهْتُمْ الْجِهَادَ، ذَلَلْتُمْ حَتَّى يَطْمَعَ فِيكُمْ عَدُوُّكُمْ. الْعِيَنُ جَمْعُ عِينَةٍ وَهُوَ نَوْعُ بَيْعٍ أَحْدَثَهُ الْبُخَلَاءُ مِنْ أَكَلَةِ الرِّبَا لِلتَّحَرُّزِ عَنْ مَحْضِ الرِّبَا. وَقَدْ بَيَّنَّا صُورَتَهُ فِي " الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَ الْبُخْلِ وَتَرْكَ الِانْتِدَابِ إلَى مَا نَدَبَ إلَيْهِ الشَّرْعُ مِنْ إقْرَاضِ الْمُحْتَاجِ. وَقَوْلُهُ: " وَاتَّبَعْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ "، أَيْ اشْتَغَلْتُمْ بِالزِّرَاعَةِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ أَصْلًا.
وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِطَمَعِ الْعَدُوِّ فِي الْمُسْلِمِينَ وَكَرَّتِهِمْ عَلَيْهِمْ فَيَذِلُّونَ بِذَلِكَ.
٢٣ - وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا عَنْ ضَمُرَةَ بْنِ حَبِيبٍ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: «أَعْظَمُ الْقَوْمِ أَجْرًا خَادِمُهُمْ» . وَفِي الْحَدِيثِ حَثٌّ عَلَى الرَّغْبَةِ فِي خِدْمَةِ الْمُجَاهِدِينَ وَتَعَهُّدِ دَوَابِّهِمْ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الْمُجَاهِدِينَ مَعَ اسْتِحْقَاقِ صِفَةِ السِّيَادَةِ فِي الدُّنْيَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute