لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمِلْكَ قَدْ اسْتَقَرَّ لِلْغَاصِبِ بِمَا أَدَّى مِنْ الْقِيمَةِ فَانْقَطَعَ حَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
٢٥٥٣ - وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ إجَارَةً فَأَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ، ثُمَّ وَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ، فَإِنْ وَجَدَهُ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَانَ هُوَ الْخَصْمُ، فَيَأْخُذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ حَتَّى يَرُدَّهُ إلَى الْإِجَارَةِ كَمَا كَانَ لِأَنَّ يَدَهُ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ كَانَتْ مُسْتَحِقَّةً عَلَى الْمَوْلَى، حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ مُتَمَكِّنًا مِنْ ذَلِكَ، وَعَقْدُ الْإِجَارَةِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ لَمْ يَبْطُلْ، فَلِهَذَا كَانَ هُوَ الْخَصْمُ فِي اسْتِرْدَادِهِ.
٢٥٥٤ - وَيَبْطُلُ عَنْهُ الْأَجْرُ بِمِقْدَارِ مَا كَانَ فِي يَدِ الْمُشْرِكِينَ.
لِأَنَّهُ مَا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ.
٢٥٥٥ - فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ فَرَدَّهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، ثُمَّ حَضَرَ صَاحِبُهُ فَجَحَدَ الْإِجَارَةَ، وَزَعَمَ أَنَّهُ كَانَ وَدِيعَةً فِي يَدِهِ، أَوْ عَارِيَّةً، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إعَادَةُ الْبَيِّنَةِ.
لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَا قَضَى بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ حِينَ رَدَّهُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ تِلْكَ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى غَائِبٍ لَيْسَ عَنْهُ خَصْمٌ، وَهُوَ يَسْتَغْنِي عَنْ إثْبَاتِ الْإِجَارَةِ فِي الِاسْتِرْدَادِ، وَلِأَنَّ حَقَّ الِاسْتِرْدَادِ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أُخِذَ مِنْ يَدِهِ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ يَدُهُ فِيهِ بِجِهَةِ الْوَدِيعَةِ، أَوْ الْعَارِيَّةِ أَوْ الْإِجَارَةِ، فَلِهَذَا لَا يَتَضَمَّنُ قَضَاؤُهُ بِالرَّدِّ الْقَضَاءُ بِالْإِجَارَةِ عَلَى الْغَائِبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute