للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأشياء (١)؛

فقدسوا مشايخهم وأطاعوهم في غير طاعة الله ورسوله، فتفرقت بههم السبل، ولاذوا للطواف على قبورهم ومناجاتهم لكشف الكرب عنهم، فالحذر الحذر من هؤلاء القوم الذين لعب الشيطان بهم، وأخرجهم عن طريق أهل العلم، بزعمهم أنَّ الله - عز وجل - حالٌّ في كلِّ شيء، والأرض لا تخلو منه لكنه يظهرُ لخلقه في صور مختلفة في كل زمان غير الصورة التي ظهر بها في الزمان الذي قبله وفي الزمان الذي بعده، فلم يقدروا الله - عز وجل - حق قدره، وتكلموا فيه بكلام لا يوافق كتابًا ولا سنة، ولا قول الصحابة - رضي الله عنهم -، ولا قول أئمَّة المسلمين، فلا حُجَّة لهم فيما يدعون، ولا إمام من العلماء يتبعون فيما يفعلون (٢).

وفي المقابل نجد أنَّ ابن عجيبة ذمَّ العلماء الذين يأخذون بظاهر النص مع وجوب العمل به، وهو بهذا يخالف أهل السُّنَّة وطريقتهم، بل ويحذِّر من الجلوس معهم فيقول: "والجلوس مع علماء الظاهر أقبح في حق الفقير ... والله ما رأيت فقيرًا صحبهم فأفلح في طريق القوم أبدًا، فلا قاطع أعظم منهم، إلا من عرف بالتسليم لأهل النسبة، وقليلٌ ما هم" (٣).

ويقول: "الجلوس معهم اليوم أقبح من سبعين عاميًا غافلًا، وفقيرًا جاهلًا؛ لأنهم لا يعرفون إلا ظاهر الشريعة، ويرون من خالفهم في هذا الظاهر خاطئ أو ضال، فيجهدون في رد من خالفهم، يعتقدون أنهم ينصحون، وهم يغشون، فليحذر المريد من صحبتهم والقرب منهم، ما استطاع، فإن توقف في مسألة ولم يجد من


(١) ينظر: جامع كرامات الأولياء ١/ ٥٧ ..
(٢) ينظر: الشريعة، ص ٢٩١، وكتاب التوحيد ومعرفة أسماء الله - عز وجل - وصفاته على الاتفاق والتفرد ١/ ٦١، والتبصير في معالم الدين، ص ١٦٣، والإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة ٣/ ١٩٧.
(٣) الفتوحات الإلهية، ص ٢٤٣.

<<  <   >  >>