مِنْ الْإِخْوَةِ وَأَوْلَادُ الِابْنِ يَقُومُونَ مَقَامَ أَوْلَادِ الصُّلْبِ عِنْدَ عَدَمِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: ١١] وَاسْمُ الْأَوْلَادِ يَتَنَاوَلُ أَوْلَادَ الِابْنِ مَجَازًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: ٢٧].
وَعِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ صُلْبِ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِرَجُلٍ أَيْ أَبٍ لَك أَكْبَرُ فَتَحَيَّرَ الرَّجُلُ وَلَمْ يَفْهَمْ مَا قَالَ لَهُ فَتَلَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ {يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: ٢٧] وَجَعَلَ يَقُولُ مَنْ كُنْت ابْنَهُ فَهُوَ أَبُوك فَإِنْ اجْتَمَعَ أَوْلَادُ الصُّلْبِ وَأَوْلَادُ الِابْنِ فَإِنْ كَانَ فِي أَوْلَادِ الصُّلْبِ ذَكَرٌ فَلَا شَيْءَ لِأَوْلَادِ الِابْنِ ذُكُورًا كَانُوا، أَوْ إنَاثًا أَوْ مُخْتَلِطِينَ لِأَنَّ الذَّكَرَ مِنْ أَوْلَادِ الصُّلْبِ مُسْتَحِقٌّ لِجَمِيعِ الْمَالِ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَةِ الِاسْمِ، وَعِنْدَ الْعَمَلِ بِالْحَقِيقَةِ يَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْمَجَازِ فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ مُتَعَذِّرٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُ أَوْلَادَ الِابْنِ مَجَازًا أَنَّهُ يَسْتَقِيمُ نَفْيُهُ عَنْهُ بِإِثْبَاتِ غَيْرِهِ فَيُقَالُ لَيْسُوا بَنِيهِ وَلَكِنَّهُمْ بَنُو ابْنِهِ، وَهَذَا حَدُّ الْمَجَازِ مَعَ الْحَقِيقَةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ نَفْيُ الْحَقِيقَةِ وَيُمْكِنُ نَفْيُ الْمَجَازِ بِإِثْبَاتِ غَيْرِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ أَوْلَادَ الِابْنِ يُدْلُونَ بِالِابْنِ وَيَرِثُونَ بِمِثْلِ نَسَبِهِ فَيُحْجَبُونَ بِهِ كَالْأَجْدَادِ بِالْأَبِ وَالْجَدَّاتِ بِالْأُمِّ بِخِلَافِ الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ فَإِنَّهُمْ يَرِثُونَ مَعَ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانُوا يُدْلُونَ بِهَا لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ بِمِثْلِ نَسَبِهَا فَإِنَّهَا تَرِثُ بِالْأُمُومَةِ وَهُمْ بِالْأُخُوَّةِ وَأَيَّدَ مَا ذَكَرْنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَا أَبْقَتْ الْفَرَائِضُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» وَأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ الِابْنُ دُونَ أَوْلَادِ الِابْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَوْلَادِ الصُّلْبِ ذَكَرٌ، وَلَا فِي أَوْلَادِ الِابْنِ ذَكَرٌ فَإِنْ كَانَتْ ابْنَةُ الصُّلْبِ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِبَنَاتِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَإِنْ كَانَتْ ابْنَةُ الصُّلْبِ بِنْتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ، وَلَا شَيْءَ لِبَنَاتِ الِابْنِ لِأَنَّ حَظَّ الْبَنَاتِ الثُّلُثَانِ، وَقَدْ اسْتَحَقَّ الْبِنْتَانِ جَمِيعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ حَقِّ الْبَنَاتِ شَيْءٌ لِبَنَاتِ الِابْنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَوْلَادِ الصُّلْبِ ذَكَرٌ وَكَانَ فِي أَوْلَادِ الِابْنِ ذَكَرٌ فَإِنْ انْفَرَدَ الذُّكُورُ مِنْ أَوْلَادِ الِابْنِ فَالْبَاقِي بَعْدَ نَصِيبِ الْبَنَاتِ لَهُمْ نِصْفًا كَانَ، أَوْ ثُلُثًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا أَبْقَتْ فَلِأَوَّلِ رَجُلٍ ذَكَرٍ»، وَلَا يُقَالُ بِأَنَّ هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُ أَوْلَادَ الصُّلْبِ حَقِيقَةً وَأَوْلَادَ الِابْنِ مَجَازًا وَهَذَا لِأَنَّ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَقِيقَةُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَجَازُ وَهُوَ مَا اسْتَحَقَّهُ بَنَاتُ الصُّلْبِ.
فَأَمَّا مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَالْحَقِيقَةُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهَا فِي اسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُعْمَلُ بِالْمَجَازِ فِي اسْتِحْقَاقِ مَا لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ الِاسْتِحْقَاقُ بِاعْتِبَارِ الْحَقِيقَةِ فَلَا يَكُونُ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فَإِنْ اخْتَلَطَ الذُّكُورُ بِالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الِابْنِ فَنَقُولُ إنْ كَانَ بَنَاتُ الصُّلْبِ بِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ وَالْبَاقِي بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute