وُقُوعِ الْوَاقِعِ فِيهَا يَكُونُ مُوجِبُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَوْلَى وَلَا شَيْءَ فِيهِ عَلَى الْمُعْتِقِ فَيَكُونُ وُقُوعُ الْمُعْتِقِ فِيهَا كَوُقُوعِ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ فَيَغْرَمُ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ لِوَرَثَتِهِ وَلَوْ كَانَ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ مَا وَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى لَا يَعْلَمُ بِوُقُوعِ الرَّجُلِ فِيهَا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ صَارَ بِالْإِعْتَاقِ مُسْتَهْلِكًا لَا مُخْتَارًا وَإِنْ عَلِمَ بِمَوْتِ الرَّجُلِ فِيهَا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ صَارَ مُخْتَارًا بِالْإِعْتَاقِ فَقَدْ صَارَ مُتَخَيِّرًا بِمَوْتِ الرَّجُلِ فِيهَا وَعِلْمِهِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ إعْتَاقُهُ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِي الْبِئْرِ أَحَدٌ لِأَنَّهُ مَا صَارَ مُتَخَيِّرًا قَبْلَ وُقُوعِ الْوَاقِعِ فِيهَا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ إعْتَاقُهُ اخْتِيَارًا فَإِنْ وَقَعَ آخَرُ فِيهَا فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُقَاسِمُ صَاحِبَ الدِّيَةِ فَيَضْرِبُ الْآخَرُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَالْأَوَّلُ بِالدِّيَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ عَلَى الْمَوْلَى نِصْفُ قِيمَةٍ أُخْرَى لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ الْآخَرِ وَلَا يُشْرِكُ الْأَوَّلُ فِي الدِّيَةِ لِأَنَّ إعْتَاقَ الْمَوْلَى إيَّاهُ اخْتِيَارُ الدِّيَةِ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْهُ وَلَكِنَّهُ أَمْسَكَهُ وَأَدَّى الدِّيَةَ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ آخَرُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ نِصْفَهُ إلَى الْآخَرِ أَوْ يُفْدِيَهُ بِالدِّيَةِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا يَصِيرُ هُوَ بِالْإِعْتَاقِ فِي حَقِّ الثَّانِي مُسْتَهْلِكًا لِلْعَبْدِ فَيَغْرَمُ لَهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ دَفْعُهُ الدِّيَةَ إلَى الْأَوَّلِ بِسَبَبِ إعْتَاقِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ بِمَنْزِلَةِ دَفْعِهِ الْقِيمَةَ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ ثُمَّ هُنَاكَ الْمَوْلَى لَا يَغْرَمُ شَيْئًا آخَرَ إذَا وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ آخَرُ وَلَكِنَّ الثَّانِيَ شَارَكَ الْأَوَّلَ فِيمَا قَبَضَ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا وَهَذَا لِأَنَّ الْمَوْلَى قَدْ غَرِمَ جَمِيعَ مُوجِبِ جِنَايَةِ الْعَبْدِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ بَعْد ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِوُقُوعِ الثَّانِي فِيهِ فِي حَقِّ الْمَوْلَى تَجَدُّدُ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ حُرٌّ حِينَ وَقَعَ فِيهِ الثَّانِي وَبِهِ فَارَقَ مَا إذَا أَمْسَكَهُ وَأَدَّى الدِّيَةَ لِأَنَّ الْعَبْدَ عِنْدَ وُقُوعِ الثَّانِي فِيهِ صَارَ جَانِيًا بِاعْتِبَارِ الْحَفْرِ السَّابِقِ وَهَذَا عَلَى مِلْكِ الْمَوْلَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَيُخَاطِبُ الْمَوْلَى بِمُوجِبِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ النِّصْفُ أَوْ يَفْدِيه وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَوْلَى لَا يَغْرَمُ شَيْئًا آخَرَ قُلْنَا وَلِيُّ الثَّانِي يَضْرِبُ مَعَ الْأَوَّلِ فِيمَا قَبَضَهُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ صَارَ جَانِيًا عَلَيْهِ لَا بِالْحَفْرِ السَّابِقِ وَالْمَوْلَى فِي حَقِّهِ يَصِيرُ مُخْتَارًا فَيَكُونُ حَقُّهُ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ وَحَقُّ الْأَوَّلِ فِي الدِّيَةِ فَقَدْ صَارَ الْمَوْلَى مُخْتَارًا فِي حَقِّهِ فَيَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْمَقْبُوضِ بِمِقْدَارِ حَقِّهِ وَلَوْ وَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَمَاتَ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ وَالْعَبْدُ قَائِمٌ دَفَعَهُ الْمَوْلَى إلَيْهِمَا فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى مِقْدَارِ حَقَّيْهِمَا.
وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا عَشَرَةُ آلَافٍ لِصَاحِبِ النَّفْسِ وَخَمْسَةُ آلَافٍ لِصَاحِبِ الْعَيْنِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَم بِهِمَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلَكًا لِلْعَبْدِ عَلَيْهِمَا بِالْإِعْتَاقِ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِالْقَتْلِ وَلَا يَعْلَمُ بِالْعَيْنِ فَعَلَيْهِ عَشَرَةُ آلَافٍ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ لِذَلِكَ وَعَلَيْهِ ثُلُثُ قِيمَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute