الْأَخِيرَةُ مِنْ هَذَا الثُّلُثِ حَصَلَتْ عَلَى مِلْكِهِ فَيَدْفَعُهُ بِهَا وَيَرُدُّ الثُّلُثَيْنِ عَلَى الْمَوْلَى فَيَدْفَعُهُ الْمَوْلَى إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِينَ يَضْرِبُ فِيهِ الْأَوَّلُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ وَالْآخَرُ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إلَيْهِ ثُلُثُ حَقِّهِ فَيَكُونُ هَذَا مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْأَوَّلِ وَخُمُسَاهُ لِلْآخَرِ ثُمَّ يَضْمَنُ الْمَوْلَى لِلْأَوَّلِ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ وَثُلُثَيْ جُزْءٍ مِنْ سِتَّةَ عَشْرَ جُزْءًا وَثُلُثَيْ جُزْءٍ مِنْ ثُلُثَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَذَلِكَ فِي الْحَاصِلِ خَمْسًا بَدَلَ مَا سَلَّمَ لِلْآخَرِ مِنْ هَذَا الثُّلُثَيْنِ إلَّا إنَّهُ إذَا بَنَى الْجَوَابَ عَلَى الْقِسْمَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْأَوَّلَ ضَرَبَ فِيهِ بِعَشَرَةِ آلَافٍ وَالْآخَرُ بِسِتَّةِ آلَافٍ وَثُلُثَيْ أَلْفٍ وَلِهَذَا قَالَ مَا قَالَ وَفِي الْحَقِيقَةِ رُجُوعُهُ عَلَى الْمَوْلَى بِخُمُسَيْ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْمَوْلَى أَتْلَفَ ذَلِكَ عَلَيْهِ حِينَ دَفَعَهُ إلَى صَاحِبِ الْعَيْنِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ وَاسْتَحَقَّ بِالْجِنَايَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ الْمَوْلَى عَلَى صَاحِبِ الْعَيْنِ لِمَا قُلْنَا إنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِسَبَبِ جِنَايَةٍ كَانَتْ فِي ضَمَانِهِ.
قَالَ وَإِذَا قَتَلَتْ الْأَمَةُ قَتِيلًا خَطَأً ثُمَّ وَلَدَتْ بِنْتًا ثُمَّ قَتَلَتْ الْبِنْتُ رَجُلًا خَطَأً ثُمَّ إنَّ الْبِنْتَ قَتَلَتْ الْأُمَّ فَاخْتَارَ الْمَوْلَى دَفْعَهَا ضَرَبَ أَوْلِيَاءُ قَتِيلِ الْأَمَةِ فِيهَا بِقِيمَةِ الْأُمِّ وَأَوْلِيَاءُ قَتِيلِ الْبِنْتِ بِالدِّيَةِ لِأَنَّ الْبِنْتَ فِي هَذَا الْحُكْمِ كَجَارِيَةٍ أُخْرَى لِلْمَوْلَى فَإِنَّ حَقَّ وَلِيِّ جِنَايَةِ الْأُمِّ لَا يَثْبُتُ فِي الْبِنْتِ ثُمَّ قَدْ وُجِدَ مِنْ الْبِنْتِ جِنَايَتَانِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْحُرِّ وَالْأُخْرَى عَلَى الْأُمِّ وَهِيَ مُقَدَّرَةٌ بِحَقِّ أَوْلِيَاءِ جِنَايَةِ الْأُمِّ فَإِنْ دَفَعَهَا الْمَوْلَى ضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهَا بِمِقْدَارِ حَقِّ أَوْلِيَاءِ الْأُمِّ بِقِيمَةِ الْأُمِّ وَوَلِيُّ الْحُرِّ بِالدِّيَةِ فَتُقْسَمُ الْبِنْتُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ اخْتَارَ الْمَوْلَى فِدَاءَ الْبِنْتِ دَفَعَ قِيمَتَهَا إلَى وَلِيِّهَا وَقِيمَةَ الْأُمِّ إلَى وَلِيِّ الْأُمِّ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِهَا بِمَا يَثْبُتُ فِيهَا مِنْ الْحَقِّ بِاعْتِبَارِ جِنَايَتِهَا وَلَوْ كَانَتْ الْبِنْتُ فَقَأَتْ عَيْنَ الْأُمِّ.
فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إنْ اخْتَارَ الْمَوْلَى دَفْعَهَا دَفَعَ الْأُمَّ بِجِنَايَتِهَا وَدَفَعَ الْبِنْتَ يَضْرِبُ فِيهَا أَوْلِيَاءُ قَتِيلِهَا بِالدِّيَةِ وَأَوْلِيَاءُ قَتِيلِ الْأُمِّ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ لِأَنَّهَا عَلَى غَيْرِ الْأَمَةِ وَقَدْ ثَبَتَ فِيهَا حَقُّ أَوْلِيَاءِ الْأُمِّ وَالْعَيْنُ مِنْ الْآدَمِيِّ نِصْفُهُ فَلِهَذَا ضَرَبُوا فِيهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فِيهِمَا فَدَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَشَرَةِ آلَافٍ أَرْشَ جِنَايَتِهَا وَقَدْ خَلَطْنَ بِحَقٍّ فِيهِمَا لِلْمَوْلَى وَلَا تُعْتَبَرُ جِنَايَةُ الْبِنْتِ عَلَى الْأُمِّ وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ فِي الْأُمِّ وَالْفِدَاءَ فِي بِنْتٍ دَفَعَ الْأُمَّ إلَى أَوْلِيَاءِ جِنَايَتِهَا وَفَدَى الْبِنْتَ بِالدِّيَةِ إلَى أَوْلِيَاءِ قَتِيلِهَا وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ لِأَوْلِيَاءِ قَتِيلِ الْأُمِّ لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ نِصْفَ الْأُمِّ بِجِنَايَتِهَا وَهِيَ جِنَايَةٌ مُعْتَبَرَةٌ بِحَقِّ أَوْلِيَاءِ جِنَايَةِ الْأُمِّ وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ فِي الْبِنْتِ وَالْفِدَاءَ فِي الْأُمِّ فَدَى الْأُمَّ بِعَشَرَةِ آلَافٍ وَدَفَعَ الْبِنْتَ إلَى أَوْلِيَاءِ جِنَايَتِهَا لِأَنَّهُ حِينَ فَدَى الْأُمَّ صَارَتْ هِيَ مُخَالِفَةً لَهُ فَجِنَايَةُ الْبِنْتِ عَلَيْهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِحَقِّ الْمَوْلَى فَلِهَذَا دَفَعَ الْبِنْتَ إلَى أَوْلِيَاءِ جِنَايَتِهَا وَلَوْ فَقَأَتْ الْأُمُّ عَيْنَ الْبِنْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute