فَأَمَّا مَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلْقَوَدِ فَإِقْرَارُهُ يَكُونُ عَلَى نَفْسِهِ.
وَلَوْ جَنَتْ أَمَةٌ جِنَايَةَ فَقَالَ الْمَوْلَى كُنْت أَعْتَقْتهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ أَوْ دَبَّرْتهَا أَوْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدِي فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ مِنْ أَجْلِ الْجِنَايَةِ وَهُوَ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ إنْ قَالَ هَذَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ وَإِنْ قَالَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّ أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ فَيُجْعَلُ إقْرَارُهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِنْشَاءِ فِي حَقِّهِمْ وَإِنْ أَنْشَأَ الْعِتْقَ أَوْ التَّدْبِيرَ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ مَا بَيَّنَّا فَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ مُسْتَنِدًا إلَى مَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ هَذَا الْإِسْنَادَ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ حِينَ لَمْ يُصَدِّقْهُ أَوْلِيَاءُ الْجِنَايَةِ فِيهِ.
وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً فَأَخْبَرَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ وَلِيَّ الْعَبْدِ فَأَعْتَقَهُ فَقَالَ لَمْ أُصَدِّقْهُ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ فَهُوَ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ لِأَنَّ وَلِيَّ الْجِنَايَةِ فِي اخْتِيَارِهِ يَطْلُبُ بِحَقِّهِ فَعَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَنْظُرَ فِي خَبَرِهِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ الْقَاضِيَ بِذَلِكَ وَطَالَبَهُ بِإِحْضَارِ الْمَوْلَى وَتَكْلِيفِهِ الْجَوَابَ أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ فَكَذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ الْمَوْلَى بِذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى خَبَرِهِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ وَأَعْتَقَ الْعَبْدَ كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ فَيَكُونُ مُخْتَارًا وَكَذَلِكَ إنْ أَخْبَرَهُ رَسُولُ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ فَاسِقًا كَانَ الرَّسُولُ أَوْ عَدْلًا لِأَنَّ عِبَارَةَ الرَّسُولِ كَعِبَارَةِ الْمُرْسِلِ فَأَمَّا إذَا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فُضُولِيٌّ فَإِنْ صَدَّقَهُ فِيمَا أَخْبَرَهُ بِهِ ثُمَّ أَعْتَقَ الْعَبْدَ فَهُوَ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ أَيْضًا وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ حَتَّى أَعْتَقَ الْعَبْدَ فَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ لِأَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ مَقْبُولٌ فِيمَا يَكُونُ مُلْزِمًا وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ فَاسِقًا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَكُونُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَلَكِنْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ بِاسْتِهْلَاكِهِ إيَّاهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ هُوَ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ وَهَذَا مِنْ الْجِنْسِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ فِي الْمَأْذُونِ أَنَّ عِنْدَهُمَا خَبَرَ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَقْبُولٌ عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اللُّزُومُ لَا يُعْتَبَرُ خَبَرُ الْفَاسِقِ وَهَذَا خَبَرُ الْمُلْزَمِ فِي حَقِّ الْمَوْلَى لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ يَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ خَبَرُ الْفَاسِقِ إذَا كَانَ فُضُولِيًّا وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِهِ فَاسِقٌ فَفِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَذَلِكَ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَكُونُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ لِأَنَّهُ تَمَّ إحْدَى شَطْرَيْ الْحُجَّةِ وَهُوَ الْعَدَدُ فَيُعْتَبَرُ بِمَا لَوْ وَجَدَ الشَّطْرَ الْآخَرَ وَهُوَ الْعَدَالَةُ فِي حَقِّ الْمُخْبِرِ الْوَاحِدِ.
وَلَوْ جَنَى عَبْدُهُ جِنَايَةً فَقَالَ الْمَوْلَى كُنْتُ بِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ أَوْ قَالَ هُوَ لَهُ لَمْ يَكُنْ لِي قَطُّ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ قِيلَ لِفُلَانٍ ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ لِأَنَّ الْمَوْلَى مَا أَتْلَفَ عَلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ شَيْئًا حِينَ أَخْرَجَهُ إلَى مِلْكِ رَجُلٍ يُخَاطَبُ بِدَفْعِهِ أَوْ الْفِدَاءِ كَمَا كَانَ هُوَ يُخَاطِبُ بِهِ فَإِنْ كَذَّبَهُ فُلَانٌ قِيلَ لِلْمَوْلَى ادْفَعْهُ أَنْتَ أَوْ افْدِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَابِتٌ لَهُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ يَدِهِ وَالْإِقْرَارُ بَطَلَ بِتَكْذِيبِ الْمَقَرِّ لَهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَيُخَاطَبُ ذُو الْيَدِ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ.
وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا فِي يَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute