لِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَ مَسِيلُ الْمَاءِ ظَاهِرًا أَوْ مُسْقَفًا بِخِلَافِ الْبَالُوعَةِ وَالْكِرْبَاسِ وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ وَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ بِدُونِ الشَّرْطِ فَلَا يَزِيدُ بِالشَّرْطِ إلَّا وَكَادَةً، وَإِنْ اشْتَرَطَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْحَمَّامِ فِي الْإِجَارَةِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُفِيدٌ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَلَا يَنْقُضُهُ الْعَقْدُ، وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ، فَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ.
وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْحَمَّامِ لِلْمُسْتَأْجِرِ قَدْ تَرَكْت لَكَ أَجْرَ شَهْرَيْنِ لَمِرَمَّةِ الْحَمَّامِ فَهَذَا لَا يُفْسِدُ الْإِجَارَةَ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِأَنْ يُنْفِقَ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ دَيْنِهِ عَلَى حَمَّامِهِ فَإِنْ قَالَ: قَدْ أَنْفَقْتهَا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَهُوَ نَظِيرُ مَا بَيَّنَّا مِنْ الْعَشَرَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ.
وَإِذَا اسْتَأْجَرَ حَمَّامَيْنِ شُهُورًا مُسَمَّاةً كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا فَانْهَدَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِمَا فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْبَاقِيَ، وَإِنْ انْهَدَمَ بَعْدَ قَبْضِهِمَا فَالْبَاقِي لَهُ لَازِمٌ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الصَّفْقَةِ بِقَبْضِ الْحَمَّامِ عَلَى مَا بَيَّنَّا أَنَّ الْعَيْنَ الْمُنْتَفَعَ بِهَا تُقَامُ مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ فِي إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَيْهِ، فَكَذَلِكَ فِي إتْمَامِ الصَّفْقَةِ فِي قَبْضِهِ وَتَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ يُثْبِتُ الْخِيَارَ لِلْعَاقِدِ وَبَعْدَ التَّمَامِ لَا يُثْبِتُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ اُسْتُحِقَّ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْقَبْضِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ بَيْتَيْنِ فَانْهَدَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الْبَاقِي بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ.
وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ رَبُّ الْحَمَّامِ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ طَلَّاءَاتٍ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ النُّورَةَ الَّتِي اشْتَرَطَ مَجْهُولَةٌ لَا يُعْرَفُ مِقْدَارُهَا وَلَا مِقْدَارُ ثَمَنِهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَضَمُّ الْمَجْهُولِ إلَى الْمَعْلُومِ يُوجِبُ جَهَالَةَ الْكُلِّ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا وَعَبْدًا وَقَبَضَهُمَا فَمَاتَ الْعَبْدُ لَزِمَهُ الْحَمَّامُ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الِانْتِفَاعُ بِالْحَمَّامِ وَبِمَوْتِ الْعَبْدِ لَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ نُقْصَانٌ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ تَفَرُّقَ الصَّفْقَةِ بَعْدَ التَّمَامِ لَا يُثْبِتُ لِلْعَاقِدِ حَقَّ الْفَسْخِ، وَإِنْ انْهَدَمَ الْحَمَّامُ وَإِنَّمَا اسْتَأْجَرَ الْعَبْدَ لِيَقُومَ عَلَى الْحَمَّامِ فِي عَمَلِهِ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْعَبْدَ إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا لِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا كَانَ لِعَمَلِ الْحَمَّامِ وَقَدْ تَعَذَّرَ بِانْهِدَامِ الْحَمَّامِ فَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا لَهُ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ فِي الْعَبْدِ كَمَا اسْتَأْجَرَ الرَّحَا مَعَ الثَّوْرِ لِيَطْحَنَ بِهِ فَانْهَدَمَ الرَّحَا؛ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ فِي الثَّوْرِ؛ لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ حَمَّامَيْنِ فَانْهَدَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُودٌ، وَمَنْفَعَةُ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذْ مَنْفَعَةُ أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ بِمَنْفَعَةِ الْآخَرِ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا وَاحِدًا فَانْهَدَمَ مِنْهُ بَيْتٌ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ بَعْضِ بُيُوتِ الْحَمَّامِ مُتَّصِلٌ بِالْبَعْضِ وَبَعْدَ مَا انْهَدَمَ بَعْضُ الْبُيُوتِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْبَاقِي مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ قَبْلُ
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْحَمَّامَ بِأَجْرٍ وَأَعْطَى ثِيَابَهُ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ يَحْفَظُهَا لَهُ فَضَاعَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا هَكَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute