ومر بعض أهل البله بباب شوكي، فوطئ شوكة، فدخلت في رجله، فقال للشوكي: اجعلني في حل؛ فلست أقدر على إخراجها الساعة، فأردها لك، قال: قد جعلتك في حل.
وكان ابن عبد النور من أهل ألمرية، مع فطنته في العلم، كثير التغفل، يحكي أنه تفقد قدراً كان يطبخ فيه في بعض متنزهات الطلبة، فذاقه، فوجده ناقص الملح، فزاد فيه غرفة، وبقي فيه من المرق ما في المغرفة دون ملح، ثم عاد وذاق ما بالمغرفة، فلم يجد طعماً، فزاد إلى أن بلغ الملح بالقدر حيث لا يصلح للأكل البتة.
وأدخل يده في مفجر صهريج، فصادفت يده ضفدعة كبيرة، فقال له من حضر: هل وجدت فيه شيئاً؟ قال: نعم، حجر رطب ثم.
وأتى يوماً إلى بعض ولاة ألمرية، وكان له من عتاق الخيل، فطلبه له، وقد كان يعلم حاله في التغفل، فسأله: ما يصنع به؟ قال: أسقي به في السانية بعض اليوم، فصرفه، ووجه له دابة تليق بذلك.
واشترى يوماً فضلة ملف للباسه، فبلها فنقص من ذرعها على العادة، فسار إلى التاجر يطلبه بما نقص منها، فأخذ التاجر يبين له العادة، فلم يقبل منه، وحمله على الكذب.
ونظر بعض أهل البله إلى الهلال، فقال: ربي وربك الله، سبحان الله، خلقك من عود يابس.
ورقد رجل في بيته، فدخلت عليه الشمس من طاق هناك، فعطى وجهه بكمه، فجاءت الشمس على كمه، فغطى كمه بثوب، فطلعت الشمس على ذلك الثوب، فقال: هذا شيء لا يغطى.
وتسوق دلال ثوباً لرجل، فلم يسو له اختياره، فقال الرجل: أنا أولى برخيصي، فدفع للدلال ثمنه الذي بلغ، وأخذ ثوبه.
ودخل رجل على مريض يعوده، وكان شديد المرض، فقال له: (كل نفس ذائقة الموت) .
وتوقف إمام في لفظة من القرآن، فرد عليه شخص بصوت ضعيف، فقال له آخر: ارفع صوتك؛ فإنه أصم، وكانوا جميعاً في الصلاة.
وقال بعضهم: رأيت مؤذناً أذن، ثم عدا، فقلت: إلى أين؟ قال: أنظر إلى أذاني إلى أين بلغ.
وقال: رأيت مؤذناً آخر قد أذن، ثم ذهب، فقلت إلى أين؟ قال: أسمع أذاني من بعيد.
وكان مؤذن يؤذن، وفي يده رقعة، فسقطت من يده، فاحتملتها الريح، فجعل يجري وراءها ويقول: أمسكوا أذاني، أمسكوا أذاني.
واختصم رجلان في جارية مملوكة، فوضعوها على يد مؤذن ليلة، فلما أصبح قال المؤذن: ذهبت الأمانة في الناس، قيل له: وكيف ذلك؟ قال: أودعوا هذه الجارية عندي على أنها بكر، وقد اختبرتها البارحة، فوجدتها ثيباً.
وكان مؤذن قد اتخذ قرعة يابسة، وثقب فيها ثقبتين، وكان يملؤها بالماء، فإذا وصل الماء إلى الثقب الأول أذن الظهر، وإذا وصل إلى الثقب الثاني أذن العصر، فظن به أحد المؤذنين، فوسع الثقب الأول، فأسرع جري الماء، وتفقدها المؤذن على عادته، فوجد الماء قد وصل إلى الثقب الأول من غير وقت أذان، فأذن فصاح به الناس، فقال: مهلاً عليكم، فإني أعرف بقرعتي.
وكان لقوم إمام أحمق، فقال لهم يوماً، وقد انفتل من صلاته: ويلكم تسابقونني في الصلاة، قالوا: ومن أين لك معرفة هذا؟ قال: ما أركع ركعة ولا أسجد سجدة إلا التفت إليكم؛ أرى ما تفعلون.
وأحدث إمام في الصلاة، فتأخر وقدم رجلاً، وذهب يجدد الوضوء، فظن الرجل الذي قدم في نفسه، أنه لا يجوز له أن يصلي، فوقف ينتظر الإمام، فلما طال قيامه، تنحنح له قوم، فالتفت إليهم وقال: ما لكم، إنما قدمني لأحفظ مكانه.
وتقدم بعض الحمقى، فصلى بقوم المغرب في شهر رمضان، فابتدأ سورة البقرة، فانصرف القوم وتركوه، فلما رآهم قد انصرفوا جعل يقول: سبحان الله، سبحان الله، (إنا أعطينك الكوثر) .
وكان عبد الله اليشكري عاملاً لموسى بن عيسى على المدائن، فصعد المنبر، فلما قال: الحمد لله، ارتج عليه فسكت، فقال بهلول: الذي ابتلانا بك، فجلس وضحك على كل من حضر.