عنه. وإن قيل لهم: مات. وقيل ألم يأتكم؟ قالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون، سلك به غير طريقنا، هوى به إلى أمه الهاوية. وقيل: إنهم إذا كانوا على قبورهم يسمعون من يسلم عليهم، فلو أذن لهم لردوا السلام (١).
[٢٠٨ أ/ص]
(فائدة) روى أحمد بإسنادٍ رجاله محتج بهم في الصحيح عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - "قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في جنازة رجل مِن الأنصار، فانتهينا إلى القبر، ولما يلحد بعد، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجلسنا حوله، كأنما على رؤوسنا الطير، وبيده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه، فقال: تعوذوا بالله من عذاب القبر مرتين، أو ثلاثا. ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ويجئ ملك الموت، - عليه السلام -، حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الطيبة، اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال: فتخرج فتسيل / كما تسيل القطرة مِنْ فِي السقاء، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها، فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض. قال: فيصعدون بها، فلا يمرون، على ملإ من الملائكة، إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان، بأحسن أسمائه التي كان يسمي بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح لهم فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهى به إلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض، في جسده، فيأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيقولان: ما يدريك؟ فيقول: قرأت كتاب الله، وآمنت به وصدقته، فينادى مناد في السماء: أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابًا إلى الجنة. قال: فيأتيه من روحها، وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره.
(١) شعبب الإيمان للبيهقي، فصل في زيارة القبور (١١/ ٤٧٤) (٨٨٦١). وعمدة القاري (٨/ ١٤٧).