للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(ثَمَّ يُضْرَبُ) على البناء للمفعول أي: الميت المنافق (بِمِطْرَقَةٍ) بكسر الميم أي: مطرقة الحدادين (مِنْ حَدِيدٍ) صفة لمطرقة، و"من" بيانية أو صفة لمحذوف؛ أي: من ضارب حديد أي: قوي شديد الغضب.

والظاهر أن الضارب هو غير المنكرين، ويجوز أن يكون أحدهما، وقد روى أبو داود في سننه ما يدل على الوجهين، ويدل على الأول ما رواه من حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه، فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين، أو ثلاث مرات، وإنه يسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين حين يقال له: يا هذا، من ربك ومن نبيك وما دينك؟ ".

قال هناد: قال: "ويأتيه ملكان فيجلسانه" الحديث. وفيه: "ثم يقبض له أعمى أبكم أصم، معه مرزبة من حديد لو ضرب بها جبل لصار ترابًا. قال: فيضربه ضربة يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين فيصير ترابًا. ثم يعاد فيه الروح" (١).

[٢٠٥ أ/س]

ويدل على الثاني ما رواه من حديث أنس بن مالك: - رضي الله عنه - "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل نخلًا لبني النجار، فسمع صوتًا ففزع، فقال: من أصحاب هذه القبور؟ قالوا: يا رسول الله ناس ماتوا في الجاهلية" الحديث وفيه: "فيقول له ما كنت تعبد؟ فيقول: لا أدري، فيقول: لا دريت ولا تليت، فيقال: (٢) ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: كنت أقول ما يقول الناس، فيضربه بمطراق من حديد بين أذنيه / فيصيح صيحة يسمعها الخلق غير الثقلين" (٣).

فالمستفاد منه أن الضارب هو الملك الذي يسأله، وهو إما المنكر أو النكير، ويمكن التوفيق باحتمال أن يكون الضرب متعددًا مرة من أحد الملكين ومرة من الأعمى الأبكم، والله تعالى أعلم.

(ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ) أي: أذني الميت (فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ) أي: من يلي الميت؟ قيل: المراد به الملائكة الذين يلون فتنته ومسألته (٤). وقيل: هو أعم من الملائكة وغيرهم من


(١) سنن أبي داود، كتاب السنة، (٤/ ٢٣٩) (٤٧٥٣) تقدم تخريجه في (ص:٧٢٢).
(٢) [تعبد فيقول: لا أدري. فيقول: لا دريت ولا تليت. فيقال] سقط من ب.
(٣) سنن أبي داود، كتاب السنة، (٤/ ٢٣٨) (٤٧٥١)، تقدم تخريجه في (ص: ٩٥٧).
(٤) عمدة القاري (٨/ ١٤٥).