للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورواه يزيد بن أبي حكيم، عن الثوري بإسناد هذا الباب بلفظ: "نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، أخرجه الإسماعيلي، وفيه ردّ على من قال: لا حجة في هذا الحديث؛ لأنّه لم يسم الناهي فيه، وتقوية لما رواه الشيخان وغيرهما: أنّ كل ما ورد بهذه الصيغة فحكمه حكم المرفوع (١).

وقد روى الطبراني من طريق إسماعيل بن عبدالرحمن بن عطية، عن جدته أم عطية، قالت: " لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة جمع النساء في بيت، ثم بعث إلينا عمر - رضي الله عنه -، فقال: إني رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليكن، بعثني لأبايعكن على أن لا تسرقن" الحديث وفي أخره: "وأمرنا أن نخرج في العيدين العواتق، ونهانا أن نخرج في جنازة" (٢)، وهذا يدل على أن حديث الباب مرسل الصحابي (٣).

(عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا) على صيغة المجهول، أي: لم يوجب ولم يفرض ولم يشدد ولم يؤكد علينا في المنع كما أكّد علينا في غيره من المنهيات فكأنّ المعنى أنّها قالت: كره لنا (٤) اتباع الجنائز من غير تحريم.

وقال القرطبي: ظاهر الحديث يقتضي أنّ النهي للتنزيه، وبه قال جمهور أهل العلم (٥)، وقال ابن المنذر: روينا عن ابن مسعود، وابن عمر، وعائشة، وأبي أمامة - رضي الله عنهم -، أنهم كرهوا ذلك للنساء وكرهه أيضًا إبراهيم، والحسن، ومسروق، وابن سيرين، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق (٦).

وقال الثوري: اتباع النساء الجنائز بدعة، وعن أبي حنيفة: لا ينبغي ذلك للنساء (٧)، وروى إجازة ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، والقاسم، وسالم، والزهري، وربيعة، وأبي الزناد (٨).


(١) فتح الباري (٣/ ١٤٩). عمدة القاري (٨/ ٦٣).
(٢) المعجم الكبير: باب النون (٢٥/ ٤٥) (٨٥)، من طريق إسماعيل بن عثمان العدوي، ثنا إسماعيل بن عبد الرحمن بن عطية، عن جدته أم عطية، إسناده حسن، رجاله ثقات عدا إسماعيل بن عبد الرحمن البصري، قال ابن حجر في "التقريب" (ص: ١٠٨) (٤٦٢): وهو مقبول.
(٣) فتح الباري (٣/ ١٤٥).
(٤) [لها] في: ب.
(٥) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٢/ ٥٩١).
(٦) الإشراف على مذاهب العلماء (٢/ ٣٤٢).
(٧) مختصر اختلاف العلماء (١/ ٤٠٥).
(٨) شرح صحيح البخارى لابن بطال (٣/ ٢٦٨).