للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

هذه الآية (١) (حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه -؛ فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ، فَمَا يُسْمَعُ) بصيغة المجهول (بَشَرٌ إِلَاّ يَتْلُوهَا) أي: ما يسمع بشر يتلو شيئًا إلا يتلوها، هذه الآية، وزاد ابن أبي شيبة، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن عمر - رضي الله عنه - إنما قال: "ما مرّ في المنافقين لأنهم أظهروا الاستبشار ورفعوا رؤوسهم، وأن أبا بكر - رضي الله عنه - ضم إلى تلك الآية {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠)} [الزمر: ٣٠] يعني: أنك ستموت، وأن أعداءك أيضًا سيموتون، وقوله -تعالى-: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} [الأنبياء: ٣٤] (٢).

وفي الحديث: استحباب تسجية الميت أي: تغطيته بثوب، وحكمتها: صيانته عن الانكشاف، وستر صورته المتغيرة عن الأعين.

وفيه: جواز تقبيل الميت لفعل أبي بكر - رضي الله عنه - اقتداء بفعله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه: جواز البكاء على الميت من غير نوح.

وفيه: أن الصديق - رضي الله عنه - أفضل من عمر - رضي الله عنه -، وهذه إحدى المسائل التي ظهر فيها ثاقب علمه، وفضل معرفته، وسداد رأيه، وبارع فهمه، وحسن إسراعه بالقرآن وثبات نفسه، وكذلك مكانته عند الناس؛ فإنه حين تشهد مال إليه الناس وتركوا عمر - رضي الله عنه -، ولم يكن ذلك إلا لعظيم منزلته في النفوس، وسمو محله عندهم، وقد أقر بذلك عمر - صلى الله عليه وسلم - حين مات الصديق - رضي الله عنه -؛ فقال: والله ما أحب أن ألقى الله بمثل عمل أحد إلا بمثل عمل أبي بكر - رضي الله عنه -، ولوددت أني شعرة في صدره" (٣).


(١) إرشاد الساري (٢/ ٣٧٦).
(٢) مصنف ابن أبي شيبة: ما جاء في وفاة النَّبي - صلى الله عليه وسلم - (٧/ ٤٢٧)، (٣٧٠٢١) من طريق: ابن فضيل، عن أبيه، عن نافع، عن ابن عمر، وأخرجه البزار في "مسنده" (١/ ١٨٢) (١٠٣) من طريق علي بن المنذر به، وقال الهيثمي في "مجمع الزائد" (٩/ ٣٨) (١٤٢٧٧) ": "رواه البزار في" كشف الأستار عن زوائد البزار" (١/ ٤٠٢) (٨٥٢)، ورجاله رجال الصحيح غير علي بن المنذر، وهو ثقة.
(٣) شرح صحيح البخاري لابن بطال (٣/ ٢٤٢)، وعمدة القاري (٨/ ١٤).