للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

جانب الوعيد ثابت بالقرآن، وجاءت السنَّة على وفقه فلا يحتاج إلى استنباط، بخلاف جانب الوعد فإنَّه في مقام البحث، إذْ لا يصحُّ حمله على ظاهره، كما تقدَّم؛ وكأنَّ ابن مسعود - رضي الله عنه - لم يبلغه حديث جابر الذي أخرجه مسلم بلفظ: " قيل: يا رسول لله ما الموجبتان؟ " (١)، الحديث.

[٧٩ أ/ص]

وقال النوويُّ: "الجيد أنْ يقال: سمع ابن مسعود - رضي الله عنه - اللفظين من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ ولكنَّه في وقت حفظ أحدهما وتيقنه، ولم يحفظ الآخر؛ فرفع المحفوظ وضمَّ الآخر إليه وفي وقت بالعكس، قال: فهذا جمع /بين روايتي ابن مسعود - رضي الله عنه -، وموافقة لرواية غيره في رفع اللّفظين" انتهى (٢).

قال الحافظ العسقلانيُّ: وهذا الذي قاله محتمل بلا شك، لكن فيه بُعْدًا مع اتحاد مخرج الحديث؛ فلو تعدَّد مخرجه إلى ابن مسعود لكان احتمالًا قريبًا مع أنَّه مستغرب من انفراد راوٍ من الرواة دون رفقته وشيخهم ومن فوقه، فنسبة السهو إلى شخص ليس بمعصوم أولى من هذا التعسُّف. (٣)

ومطابقة هذا الحديث للترجمة من حيث يفهم منه: أنَّ الذي يموت ولا يشرك بالله شيئا دخل الجنة كما استنبطه منه ابن مسعود - رضي الله عنه - " والذي لا يشرك بالله هو القائل لا إله إلا الله"، وكأنَّ المؤلِّف: أراد أن يفسِّر معنى قوله: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله "، بالموت على الإيمان حكمًا أو لفظًا (٤).


(١) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ومن مات مشركا دخل النار (ج ١/ ٩٤) (٩٣).
(٢) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الثانية، ١٣٩٢ هـ (٢/ ٩٧).
(٣) ينظر فتح الباري (٣/ ١١٢).
(٤) عمدة القاري (٨/ ٥).