للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

معناه؛ لأنَّ ظاهره معارض لظاهر هذا الخبر؛ لكنَّ الجمع بينهما على قواعد أهل السنَّة يحمِّل هذا على الإيمان الكامل، ويحمِّل حديث الباب على عدم التخليد في النّار.

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: (وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ) يدخل الجنَّة، ولا يلزم من مفهومه أنَّ من لم يزن، ولم يسرق؛ لم يدخل الجنَّة؛ لأنَّه من قبيل "نِعمَ العبد صهيب، لو لم يخف الله لم يعصه" (١).

فمن لم يزن، ولم يسرق؛ فهو أولى بالدُّخول ممن زنى وسرق، ويمكن أن يكون القائل الأوَّل هو: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، والمقول له هو: الملك الذي بشَّره؛ فيكون - صلى الله عليه وسلم - قاله مستوضحًا، وقاله أبو ذر مستبعدًا كما تقدَّم آنفًا.

والحكمة في الاقتصار على الزنا والسرقة: الإشارة إلى جنس حق الله -تعالى-، وحق العبد، والله أعلم.

وفي الحديث: حجَّة لأهل السنّة أنَّ أصحاب الكبائر لا يقطع لهم بدخول النار، وأنهم إن دخلوها خرجوا منها، وقال ابن بطَّال: من مات على اعتقاد لا إله إلا الله، وإن بَعُدَ قوله لها عن موته إذا لم يقل بعدها خلافها حتى مات؛ فإنَّه يدخل الجنّة (٢).

وقال الزين ابن المنير: حديث أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - من أحاديث الرَّجاء التي أفضى الاتكال ببعض الجهلة إلى الإقدام على الموبقات، وليس هو على ظاهره: فإنَّ القواعد استقرَّت على أنَّ حقوق


(١) غريب الحديث، أبو عُبيد القاسم بن سلاّم بن عبد الله الهروي البغدادي، (المتوفى: ٢٢٤ هـ) المحقق: د. محمد عبد المعيد خان، مطبعة دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد- الدكن، الطبعة: الأولى، ١٣٨٤ هـ - ٩٦٤ م، [عرس] (٣/ ٣٩٤)، وقال السيوطي في جامع الحديث (٢٠/ ٣٨) (١٥٥٥٠): "أورده أبو عبيد في الغريب"، ولم يسق إسناده، وقد ذكر المتأخرون من الحفَّاظ أنهم لم يقفوا على إسناده.
(٢) شرح صحيح البخارى لابن بطال: أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال البكري القرطبي، مكتبة الرشد - السعودية / الرياض - ١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٣ م، الطبعة: الثانية، تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم (٣/ ٢٣٥).