للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ ـ الانقياد: وهو الاستسلام التام للشرع، وقبوله، والرضا به، وهذا يقتضي عدم تركه أو هجره، ولا يكون الانقياد إلا بالوقوف على الأمر والنهي، والقيام بهما وبحقوقهما حق قيام، من العمل بما أمر، والاجتناب عما نهى.

وهو يشمل معاني ما سبق، من الإخلاص، واليقين، والصدق، والمحبة، والعلم؛ لأنه لن يستسلم للشرع وينقاد، إلا من علم، وأخلص، وأيقن، وصدق، وأحب. يقول تعالى: "بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ " (البقرة ١١٢)، يقول السمعاني: " مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ "، أخلص عبادته لله، وهو محسن مؤمن " (١).

وقال الله تعالى مثنياً على إبراهيم الخليل ـ عليه السلام ـ: " إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ

قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٣١) " (البقرة ١٣١)، يقول السمعاني:" إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ يعني أي: أستسلم وأخلص عبادتك لله، " قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ " أخلصت وفوضت إليه " (٢).

وقال تعالى: " وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ " (النساء ١٢٥)، يقول السمعاني: " أي: أخلص عبادته لله، وقيل: توجه عبادته إلى الله، والوجه يذكر بمعنى الدين والعبادة، ومنه قول المصلي: وجهت وجهي، أي: ديني وهو الصلاة " (٣).

وقال تعالى: " وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦٦) " (غافر ٦٦)، يقول السمعاني: " أي: استسلم وانقاد لحكمه " (٤).

وقال تعالى:" وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ " (لقمان ٢٢)، يقول السمعاني: " أي ومن يخلص دينه لله، وقيل: يسلم نفسه وعمله إلى الله، وقوله: " يُسَلّم " من التسليم، وقوله " يُسْلِم " من الانقياد " (٥).


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٢٧
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٤٢
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٤٨٤
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٣٠
(٥) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٢٣٥

<<  <   >  >>