للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا هو حال أهل الإيمان الذين أثني عليهم، والذين ساروا على طريقتهم ونهجهم، قال تعالى: " فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ" (الفتح ١٩)، أي: من الصدق والوفاء، وقيل: هو الإخلاص. (١)

ويقول جل وعلا عن المؤمنين: " فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ " (البقرة ٢٦)، يقول السمعاني: "يعني: أنه الصدق من ربهم " (٢).

أما حال أهل النفاق الذين يبطنون خلاف ما يظهرون، فقد تولى القرآن فضحهم، وبيان حالهم، ومن ذلك قوله تعالى: " إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (١) " (المنافقون ١)، فأخبر الله تعالى أنهم كاذبون؛ وسَمَّى قولهم كذباً؛ لأنهم كذبوا على قلوبهم، وقيل: لما أظهروا بألسنتهم خلاف ما كان في ضمائرهم، سمي بذلك كذباً، كالرجل يخبر بالشيء على خلاف ما هو عليه. (٣)

" فإن عدم العبد الصدق، خلفه ضده وهو الكذب في الأقوال والأفعال، فكان بالمنافقين أشبه منه بالصادقين، على قدر قلة صدقه وكذبه، إلا أن المؤمنين ضد الكافرين، والمنافقين ضد الصادقين ـ فإن الكافرين جحدوا ظاهراً وباطناً، والمنافقين تحلوا بالإيمان ظاهراً، وعروا منه باطناً، فكانوا كاذبين " (٤).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، صدقاً من قلبه، إلا حرمه الله على النار " (٥)، وهذا احترز به عن شهادة المنافقين. (٦)


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢٠١
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٦١
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٤٤٠
(٤) القصري: شعب الإيمان: دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤١٦ هـ (١٩٧)
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب من خص بالعلم قوم دون قوم، ح (١٢٨)
(٦) العيني: عمدة القاري: دار أحياء التراث، بيروت، (٢/ ٢٠٧)

<<  <   >  >>