للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: " لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ " (الرعد ١٤)، يقول السمعاني: " وقيل: دعوة الحق هو الدعاء بالإخلاص، والدعاء بالإخلاص لا يكون إلا لله، ألا ترى أن الله تعالى قال: "فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ " (غافر ٦٥)، ومعنى قوله تعالى: "ادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ" (غافر ٦٥)، أي: مخلصين له التوحيد، ومعناه: وحدوا الله، ولا تشركوا به شيئاً. (١)

والإخلاص المقصود: الذي يكون في كل الأوقات في الرخاء والشدة، لا كحال المشركين، الذين يخلصون في الشدة، ويشركون في الرخاء، فإن الكفار في حال الضرورات يدعون الله، كما قال تعالى: " وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِ‍آيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ " (لقمان ٣٢)، " وفي التفسير: أن الآية نزلت في عكرمة بن أبي جهل، حين هرب من مكة يوم فتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله أَمَّن جميع الناس إلا نفراً، منهم عكرمة بن أبي جهل، فهرب عكرمة إلى البحر، فجاءهم ريح عاصف، فقال صاحب السفينة: أخلصوا، فإنه لا ينجيكم إلا الإخلاص. ورُوي أنه قال لهم: لا تدعوا آلهتكم؛ فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئاً، وادعوا الله وحده. فقال عكرمة: إنما هربت من هذا، ولئن نجاني الله من هذا لأرجعن إلى محمد، ولأضعن يدي في يده، ثم سكن الريح، وخرج عكرمة ورجع إلى مكة، وأسلم وحسن إسلامه، واستشهد يوم اليرموك الشام " (٢).


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ١٠
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٢٣٩

<<  <   >  >>