للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا كله دليل على أنه ليس المراد، هو قول الكلمة التوحيدية فقط، فإن من صَدَقَ فيها وأخلص، اقتضى ذلك أن يرسخ فيه تأله الله وحده، إجلالاً، وهيبة، ومخافة، ومحبة، ورجاء، وتعظيماً، وتوكلاً، ويمتلئ بذلك، وينتفي عنه تأله ما سواه من المخلوقين، ومن كان كذلك، لم يبق فيه محبة، ولا إرادة، ولا طلب لغير ما يريد الله، ويحبه ويطلبه، وينتفي بذلك من القلب، جميع أهواء النفوس وإراداتها، ووساوس الشيطان " (١).

وشروط كلمة التوحيد، المستقرأة من النصوص الشرعية مايلي:

١ ـ العلم: وهو ضد الجهل، والمراد به: العلم بمعنى " لا إله إلا الله " نفياً وإثباتاً (٢) *. قال تعالى: " فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " (٣) ** (محمد ١٩)، وقال تعالى: " فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَن لَّا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (١٤) " (هود ١٤)، يقول السمعاني: " وقوله: " وَأَن لَّا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ "، يعني: فأعملوا أن لا إله إلا هو، فهل أنتم مسلمون؟ أي: مخلصون ". (٤)


(١) انظر ابن رجب: جامع العلوم والحكم: ١/ ٥٢٤
(٢) * يقول القرطبي: " حقيقة العلم هي: وضوح أمر ما وانكشافه على غايته، بحيث لا يبقى له بعد ذلك غاية في الوضوح، ولا شك أن من كانت معرفته بالله تعالى ورسوله كذلك، كان في أعلى درجات الجنة ... ولا يلزم فيمن لم يكن كذلك ألا يدخل الجنة ": المفهم: ١/ ١٩٦
(٣) ** يقول الإمام الطبري: " يقول تعالى ذكره، لنبيه صلى الله عليه وسلم: فاعلم يا محمد أن لا معبود تنبغي أو تصلح له الألوهية، ويجوز لك وللخلق عبادته، إلا الله، الذي هو خالق الخلق، ومالك كل شيء، يدين له بالربوبية كل مادونه " جامع البيان: ٢٢:١٧٣، ويقول الماوردي في معناها: " ما علمته استدلالاً، فاعلمه خبراً يقينياً " النكت والعيون: ٥/ ٣٠٠
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٤١٨

<<  <   >  >>