للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالسجود لله تعالى أعظم شعائر العبادة، فلا تجوز لمخلوق، يقول الله تعالى:"لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ" (فصلت ٣٧)، يقول السمعاني: أي توحدون (١).

المسألة الثانية:

هل من هذا الباب سجود الملائكة لآدم، وسجود إخوة يوسف له؟!

أولا: مايتعلق بالسجود لآدم - عليه السلام -، فقد ذكر العلماء توجيهات لها، ولكن بعد أن اتفقوا أن السجود هنا ليس سجود عبادة؛ لأن سجود العبادة لغير الله كفر، والأمر لايرد بالكفر، وحكى الإجماع على ذلك الإمام الرازي (٢)، والقرطبي (٣)،وجماعة ثم اختلفوا بعد ذلك على ثلاثة أقوال، حكى الإمام السمعاني منها قولين:

الأول: بمعنى السجود إلى آدم - عليه السلام -، فيكون آدم كالقبلة، والسجود لله تعالى، وقد تعقب هذا القول الإمام الرازي وضعفه (٤)، ووافقه الإمام ابن كثير في تفسيره (٥).

الثاني: أن السجود كان لآدم على الحقيقة، وتضمن معنى الطاعة لله تعالى بامتثال أمره فيه، فعلى هذا يكون السجود لآدم على سبيل التحية له، ورجح هذا القول الإمام السمعاني، وقال: والأصح: أن السجود كان لآدم على الحقيقة ... (٦). ورجحه الإمام الرازي (٧)، وتبعه الإمام ابن كثير (٨)، وذكره الإمام الطبري عن قتادة، فقال: "وكان سجود الملائكة لآدم، تكرمة لآدم، وطاعة لله، لاعبادة لآدم، عن قتادة: "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِأدَمَ":فكانت الطاعة لله، والسجدة لآدم، أكرم الله آدم، أن أسجد له ملائكته" (٩).


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن:٥/ ٥٣
(٢) ((الرازي: مفاتيح الغيب:٢/ ٤٢٧
(٣) ((القرطبي: الجامع لأحكام القرآن:١/ ٢٩٣
(٤) ((الرازي: مرجع سابق
(٥) ((ابن كثير: تفسير القرآن العظيم:١/ ٢٣٢
(٦) ((السمعاني: تفسير القرآن:١/ ٦٧
(٧) ((الرازي: مرجع سابق
(٨) ((ابن كثير: مرجع سابق
(٩) ((الطبري: جامع البيان:١/ ٥١٢

<<  <   >  >>