للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد رد الإمام الطبري على من ذهب إلى عدم الاشتقاق، فقال: " فإن قال لنا قائل: فهل لذلك في " فعل ويفعل " أصل كان منه بناء هذا الاسم؟ قيل: أما سماعاً من العرب فلا، ولكن استدلالاً. فإن قال: وما دَلَّ على أن الألوهية هي العبادة، وأن الإله هو المعبود، وأن له أصلاً في " فعل ويفعل قيل: لا تمانع بين العرب في الحكم، لقول القائل يصف رجلاً بعبادة، وبطلب مما عند الله جل ذكره " تأله فلان "، بالصحة ولا خلاف. ومن ذلك قول رؤبة بن الحجاج:

لله در الغانيات المُدَّهِ ... سبَّحن واسترجعن من تألهي

يعني: من تعبدي، وطلبي الله بعملي. ولا شك في أن التأله: التفعل من: أله يأله، وأن معنى أله: إذا نطق به: عَبَدَ الله ـ وقد جاء منه مصدر، يدل على أن العرب قد نطقت منه بفعل يفعل، بغير زيادة ". (١)

٣ ـ أن أدلة القائلين بالاشتقاق مؤيدة بالنصوص، منها:

أ ـ قوله تعالى: " وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ " (الأنعام ٣)، أي: المعبود في السموات والارض، كما قال تعالى: " وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ " الزخرف ٨٤، (٢) يقول السمعاني: " قال ابن الانباري: معناه: هو الله المعبود في السماوات وفي الارض " (٣).

وقال في معنى الآية الأخرى: " وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ " (الزخرف ٨٤): " أي: معبود في السماء والأرض " (٤).

ب ـ ما ورد عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قرأ " ويذرك وإلاهتك " فقال: عبادتك (٥)، ففسرها بالعبادة، ولذا فسَّر ابن عباس معنى لفظ الجلالة (الله): ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمين (٦).


(١) ((الطبري: جامع البيان: ١/ ١٢٣، وقد أطال السمين الحلبي في تفسيره إيراد الاشتقاقات والردود عليها: الدر المصون: ١/ ٢٤
(٢) ((ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: ١/ ١٢٣
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٨٧
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ١١٩
(٥) ((الطبري: جامع البيان: ١/ ١٢٣
(٦) ((الطبري: جامع البيان: ١/ ١٢٣

<<  <   >  >>