للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى قوله: {لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} و {عَنْهُ} مثلها في قوله: ينهون عن أكل وعن شرب؛ أي: يتناهون في السمن بسبب الأكل والشرب؛ أي: يؤفك عنه من هو مصروف عن الحق، وكانت القبائل من العرب تبعث إلى مكة؛ يقولون: اكشف لنا أخبار محمد، فيأتي مكة فتقول له قريش:

احذره فإنه مجنون.

{قُتِلَ الْخَرّاصُونَ} الكذابون، دعاء عليهم؛ كقوله: {قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ} (١) وأصله الدعاء بالقتل والهلاك ثم جرى مجرى لعن وقبح، و {الْخَرّاصُونَ} الكذابون المقدرون ما لا يصح، واللام إشارة إليهم؛ كأنه قيل: هؤلاء الخراصون.

{فِي غَمْرَةٍ} في جهل يغمرهم {ساهُونَ} غافلون عما أمروا به. {يَسْئَلُونَ} متى {يَوْمُ الدِّينِ} وأضاف {أَيّانَ} إلى يوم مع أن (٢٧٥ /أ) الظروف أدعية للحوادث لا للأزمنة لأن التقدير: يسألون أيان وقوع يوم الدين، وينتصب قوله: {يَوْمَ} بفعل مضمر تقديره: يقع ذلك {يَوْمَ هُمْ} ويجوز أن يكون مفتوحا؛ لإضافته لغير متمكن.

{يُفْتَنُونَ} يحرقون ويعذبون، فتنت الذهب في النار: إذا أحرقته لتعلم جودته أو رداءته، ومنه الفتين وهي الأرض ذات الحجارة السود؛ فإنها شبيهة بالمحرقة. {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} في محل الحال؛ أي: مقولا لهم هذا القول. {هذَا} مبتدأ و {الَّذِي} وصلته خبر أي: هذا العذاب {الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} ويجوز أن يكون" هذا "بدلا من" فتنتكم "أي: ذوقوا هذا العذاب. {آخِذِينَ ما آتاهُمْ} قابلين لكل ما أعطاهم راضين به، ويجوز ارتفاعه على الفاعلية، وفيه مبالغات.

{كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩) وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٢١)}

لفظ الهجوع، وهو السّنة اللطيفة؛ قال الشاعر [من السريع]:

قد حصّت البيضة رأسي فما ... أطعم نوما غير تهجاع (٢)


(١) سورة عبس، الآية (١٧).
(٢) البيت لأبي قيس بن الأسلت، ينظر في: غريب الحديث لابن سلام (٤/ ٢٧١)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٣٩٨)، لسان العرب (هجع) وحصت: حلقت شعر رأسي، والبيضة: الخوذة التي تلبس على الرأس في الحرب، والتهجاع: النومة الخفيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>