للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الحالة الإنسية للملك حين سأله الحارث بن هشام رضي الله عنه: كيف يأتيك الوحي يا رسول الله، فقال: [٦٦] "وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول" وقد ذكر لنا القرآن الكريم في قصص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أن الملائكة كانت تتمثل لهم في صور البشر: فإبراهيم عليه السلام يظن أن ضيفه من الملائكة بشر، ويقدم لهم طعاما، ويتوجس منهم خوفا حين لم يقربوا الطعام، كما قال سبحانه: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} ٢٤- ٢٨: الذاريات.

ولوط عليه السلام لا يعرف الملائكة المرسلين إليه، لأنهم على صورة بشر لا يعرفهم كما قال سبحانه: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} ٧٧: هود.. وفي ختام هذا المشهد يقول القرآن الكريم على لسان الملائكة يعرفون لوطا برسالتهم وما وكل إليهم في شأنه ومن يكونون: {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} ٨١: هود

وأما السيدة مريم عليها السلام فيقول سبحانه في شأن إرسال جبريل إليها {فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا} ١٧: مريم. وقوله سبحانه: (بشرا سويا) هو أقطع دليل بعد ما تقدم على ما ندلل عليه: ونستشهد له.

(٢) مجيء الملك على صورته الملائكية الحقيقية: