وقد ذهب فريق من السلف والخلف مستدلين بفهم في نص إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة المعراج، وعلى هذا يكون كلام الله لنبيه قد تم جهرة: وفي الرؤية وكيفيتها ووقوعها [٥٩] خلاف لسنا بصدد الخوض فيه. لأنه خارج نطاق هذا البحث، ويقول ابن قيم الجوزية [٦٠] : "وهى مسألة خلاف بين السلف والخلف. وإن كان جمهور الصحابة بل كلهم مع عائشة رضي الله عنها كما حكاه عثمان بن سعيد الدارمي إجماعا للصحابة"نقول ما كان لابن القيم وهو العالم المحقق أن يتابع الدارمي على هذه الدعوى بل هي كما ذكر: مسألة خلافية ندور فيها مع الدليل أينما دار.
وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجابر بن عبد الله رضي الله عنهما:"ما كلم الله أحدا إلا من وراء حجاب وأنه كلم أباك كفاحا" وكان أبوه قد قتل يوم أحد، ولا صلة لهذا الحديث بمباحث الوحي. لأنه كما يقول ابن كثير [٦١] : "في عالم البرزخ والآية {مَا كَانَ لِبَشَرٍ} .. إنما هي في الدار الدنيا ".
والتحقيق كما ذكرنا أن الكلام كفاحا لم يرد به نص قاطع يقول بوقوعه لأحد في الدنيا.
(٢) الكلام من وِراء حجاب:
وقد كلم الله موسى عليه السلام، كما قال سبحانه:{قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} ١٤٤:الأعراف، وكما قال سبحانه:{وكلم الله موسى تكليما} ١٦٤:النساء، وورد النص أكثر عموما في قوله تعالى:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَات} ٢٥٣: البقرة.