والذي يؤمن بالله غيباً يؤمن بالكتب بعامة والقرآن الكريم بخاصة لأنه كما ذكر الله كتاب هداية ونور وطريق إلى الله {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[٢٠] ، والإيمان بالكتاب الذي هو نور للناس يقتضي الإيمان بكل ما فيه من أحكام وقوانين باعتبار أن هذه الأحكام والقوانين إنما جاءت لتحقيق العبور بالإنسان من ظلمات الكفر الإلحاد والأساطير والأوهام والخرافات والأرباب والطواغيت إلى نور الإيمان بالله الذي ينير الطريق القويم ونور العدل والحرية والطمأنينة والمساواة. واتباع ما جاء في الكتاب أمر من الله سبحانه {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ}[٢١] . واتباع من جاء بالكتاب أمر منه أيضاً {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول}[٢٢] . {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}[٢٣] . والكتاب هو الفاصل في أمور الحياة صغيرها وكبيرها حقيرها وعظيمها طيبها وخبيثها. {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[٢٤] ، فالذي يؤمن بالله وبكتابه وبرسله وما جاءوا به من عند الله هدياً ونوراً وأحكاماً وقوانين هم المفلحون في الدنيا والآخرة {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ