وقال بعض الشافعية: الظاهر أنه يكون باليد اليسرى لأنه من باب إزالة الأذى كالإمتخاط ونحوه وقوى هذا الفريق رأيه هذا بما نقل عن أبي العباس القرطبي من المالكية حيث قال في المفهم:" حكاية عن مالك أنه لا يتسوك في المساجد لأنه من باب إزالة القذر والله أعلم ". وقد أجابوا عن استدلال الفريق الأول: بأن المراد منه: البداءة بالشق الأيمن في الترجل والبداءة بلبس النعل والبداءة بالأعضاء اليمنى في التطهر، والبداءة بالجانب الأيمن من الفم في الإستياك [٢٠٠] .
وبهد أن تبين لنا أن كلا الرأيين يخلو من دليل قوي، وأنه من الناحية العملية: نجد أنه من العسير حمل فائدة السواك على أحد الأمرين: التطيب، أو إزالة القذر بصفة قاطعة؛ لأنه يقوم بالأمرين معاً وإن كان إلى الثاني أقرب. كما أن قيام اليدين بتسويك جانب الفم والأسنان، ظاهراً وباطناً. أمر شاق إن لم يكن متعذراً لذلك ينبغي أن يستاك بما يستطيعه سواء باليد اليمنى أو اليسرى أو هما معاً.
لا بأس من الإستياك أمام الناس:
نقل عن القاضي عياض بأن ذا المروءة لا ينبغي له فعل السواك أمام الناس [٢٠١] . وهذا محمول على أنه من باب إزالة القذر وربما كان هذا الرأي مستنداً إلى ما تقدم نقله عن الإمام مالك من عدم الإستياك بالمساجد ... وقد رد ابن دقيق العيد هذا القول بأمرين:
الأول: ما ورد من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال:"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يستاك وطرف السواك على لسانه يقول:"أعْ أعْ "والسواك في فيه كأنه يتهوع. وقال: إن بعضهم ترجم على هذا الحديث باستياك الإمام بحضرة رعيته ".
الثاني: أن السواك من باب العبادات والقرب فلا يطلب إخفاؤه. والله أعلم [٢٠٢] .