وهكذا يا أخي لفظ المؤمنين يدخل فيه المسلمون لأنهم –أعني المؤمنين- أخص من لفظ المسلمين، قال الله تعالى {وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} وقال عز وجل {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَار} الآية، فالمؤمن سمي مؤمنًا لتصديقه بقلبه وإسلامه بجوارحه لله وحده، فالمؤمنون مؤمنون بتصديقهم وبإسلامهم وقيامهم بأمر الله ووقوفهم عند حدوده سبحانه وتعالى، ومما يدل على هذا المعنى حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم لما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم قومًا وترك قومًا قال سعد: يا رسول الله أعطيت فلانًا وفلانًا وتركت فلانًا وأني لأراه مؤمنًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أو مسلمًا" فعاد سعد إلى مقالته والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أو مسلمًا" والمقصود أن الإسلام والإيمان عند الاقتران لهما معنيان، معنى أخص ومعنى أعم، فالمسلم أعم من المؤمن، والمؤمن أخص من المسلم، فكل مؤمن مسلم ولا عكس، ولكن عند الإطلاق يدخل أحدهما في الآخر كما سبق بيان ذلك
وما يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم "الإيمان بضع وسبعون شعبة"، وفي لفظ "بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان" فهذا الحديث يدل على أن مطلق الإيمان يدخل فيه الإسلام، والهدى والإحسان، والتقوى والبر، فالإيمان الذي أعلاه لا إله إلا الله وأدناه إماطة الأذى عن الطريق هو ديننا كله، وهو الإسلام، وهو الإيمان، ولذا قال:"فأفضلها لا إله إلا الله" هي الركن من أركان الإسلام مع الشهادة بأن محمدًا رسول الله، فجعلها هنا أعلى خصال الإيمان.