ومن فضل الله على العرب أن جعل محمدا - صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء والمرسلين - عربيا، وجعل رسالة الإسلام خاتمة الرسالات، وجعل أهلها الأمة العربية؛ فكانت أكمل رسالة في يد أكمل الرسل في خير الأمم، فكل محاولة للتهوين من شأن العرب، والحط من قدر العرب الجاهليين مجاراة للمستشرقين في محاربة الإسلام بكل وسيلة.
فينبغي على المسلمين في جميع أقطارهم أن يسدوا الثغرات التي تمزّق صفوفهم، وتمكن المستشرقين من اتخاذها وسيلة للتشويش على الدعوة الإسلامية.
وأختم هذا البحث ببيان الوسائل التي نحارب الاستشراق بها؛ حتى نفسد خططهم ونردّ كيدهم في نحورهم، ونردّهم على أعقابهم خائبين خاسرين، وبالله التوفيق.
خامسا: الوسائل التي نحارب بها الاستشراق:
إن ما يقوم به الاستشراق من حرب سافرة وخفية ضد الإسلام لصرف المسلمين عن دينهم يجب أن يقابل بوسائل قادرة على دحر أعداء الإسلام، وكشف زيفهم وأباطيلهم وفضحهم بها؛ ولهذا كان من مهمة الدعوة الإسلامية اليوم أن يعمل دعاتها في ميدانين في وقت واحد، أحدهما دفاعي والآخر تبليغي.
أما الميدان الدفاعي:
ففيه يردّ الدعاة على حملات المستشرقين على الإسلام لمحاولة تشويه حقائقه، وإلقاء ظلال مزيفة من التهم عليه والتشكيك فيه، حتى ينصرف المسلمون عن دينهم، وحتى يتوقف الذين يبحثون عن الإسلام لاتخاذه دينا يملأ الفراغ الديني التي خلت نفوسهم منه.
ويحتاج هذا الميدان إلى أجهزة متخصصة، ودعاة متخصصين ذوي كفاءات عالية في العلم، ومنازل كريمة في الخلق والسلوك، دعاة ينذرون أنفسهم للدفاع عن دين الله مهما كلفهم هذا الدفاع من تضحيات، وإن أولي العزم والإيمان هم وحدهم الذين يقفون هذه الوقفة لله.