للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشيء المؤسف حقا أن المسلمين في سائر أقطارهم لا ينتبهون إلى خطورة وسائل الإعلام، كما أن الدعاة لا ينبّهون إلى خطورتها تنبيها كافيا لتحويلها إلى أدوات بناء للمجتمع الإسلامي بدلا من كونها أدوات هدم وتدمير.

إن وسائل الإعلام تنشر كثيرا من ألوان الفساد والانحلال والإلحاد بما تنقله من صورة الحياة في الأقطار الأوربية والأمريكية التي انتشر فيها الإلحاد في العصر الحديث؛ نتيجة لاستخفاف الناس بالدين، بعد أن كشف من متناقضات في المسيحية وفي اليهودية، لا يقبلها عقل مستنير، ولا يستريح إليها ضمير حيّ، في حين أن الإسلام ليس فيه متناقضات؛ فمن نظر فيه بعقله وجاء إليه بجميع وسائل العلم وجد أنه الحق الذي يلتقي مع العقل التقاء مؤاخيا، وهو يدعو المؤمنين به إلى العزة والجهاد دفاعا عن دينهم وأوطانهم وأموالهم وأعراضهم، الأمر الذي يشكل خطرا على الاستعمار وخططه ضد العالم الإسلامي، ويجعله يستغل وسائل الإعلام في تصدير عوامل الإفساد للأقطار الإسلامية لصرف المسلمين عن دينهم، والتشويش على الدعوة الإسلامية.

٣ - الحطّ من شأن العرب الجاهليين:

ومن العوامل التي تساعد الاستشراق في محاربة الإسلام والتشويش على دعوته أن كثيرا من المثقفين من المسلمين أصبحوا يسايرون المستشرقين في الحطّ من شأن العرب الجاهليين، ظنا منهم أن في هذا خدمة للإسلام، وهم مخطئون كل الخطأ؛ فلقد رمى المستشرقون العرب بتهم مماثلة، فصوروا حياتهم في الجاهلية وكأنهم وحوش ضارية تعيش في أرض قفر ومكان جديب، فكانت قلوبهم أقفر من أرضهم، ومشاعرهم أكثر جدبا منها.. هكذا يتحدث المستشرقون عن الأمة العربية في جاهليتها؛ ليخلصوا إلى القول بأن الإسلام دين بداوة لا يصلح في أحكامه وتشريعاته إلا في تلك المناطق المتبدية المتوحشة المقفرة، فهو - كما يزعمون - ليس الدين العالمي الذي يصلح عليه أمر الناس في البدو والحضر، وفي الحاضر والمستقبل.