للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد عرف عن غلام أحمد أنه كان في مطلع شبابه متصوّفا، ثم ترك العزلة ودخل في معترك الحياة، ونصب نفسه للمناظرات والمجادلات في أمور الدين؛ فلفت الأنظار إليه فاجتمع كثير من العامة عليه، واكتسب شهرة وصيتا ذائعا في أوساط المسلمين؛ فسولت له نفسه أنه ملهم من الله؛ فأخذ يتحدث للناس بما زعم أنه ينزل عليه من إلهامات، ويذكر لهم آيات قرآنية وأخرى محرفة، يحسبها من لا يحفظ القرآن قرآنا، وفي هذا تلبيس وتدليس وكيد عظيم لتحريف القرآن الكريم.

ولم يقف غلام أحمد عند هذا الحد بل ادعى أنه نبي يوحى إليه، وأخذ ينشر مفترياته [٢١] ، متخذا الدين مدخلا يدخل به إلى قلوب أتباعه؛ ليخدم بذلك أغراضا سياسية، وينفذ خططا رسمها له المستعمرون؛ فإلى جانب ما تتركه هذه الدعوة المجرمة من إفساد للعقيدة الإسلامية في عقول من يصيبهم شررها فإنها حملت في ثناياها دعوة إلى إبطال الجهاد الذي هو فرض على المسلمين حين تدعو دواعيه وتقوم أسبابه، وبهذا مكّن للاستعمار، ودفع عنه كل ما كان يتهدده من ثورة المسلمين في الهند على وجوده.

يقول غلام أحمد في كتاب نشره على الناس تحت عنوان (ترياق القلوب) : لقد قضيت معظم عمري في تأييد الحكومة الانجليزية ونصرتها، ولقد ألّفت في منع الجهاد ووجوب طاعة أولي الأمر (الانجليز) من الكتب والإعلانات والنشرات ما لو جمع بعضها إلى بعض لملأ خمسين خزانة، وقد نشرت هذه الكتب في البلاد العربية ومصر والشام وتركيا، وكان هدفي دائما أن يصبح المسلمون مخلصين لهذه الحكومة الانجليزية، وتمحى من قلوبهم قصص المهدي السفاك والمسيح السفاح والأحكام التي تبعث فيهم عاطفة الجهاد، وتفسد قلوب الحمقى.