تقوم الوجودية على دعوة خادعة، وهي أن يجرد الإنسان نفسه بالتحلل من كل ما يربطه بالمجتمع من نظم وقواعد وعادات وتقاليد، وأن يطلق نفسه على هواها تهيم في كل واد، وترعى كل ما يصادفها على طريقها من غير وعي أو تفكير أو تقدير لما يأخذ أو يدع من أمور، ومن غير تقيّد بشيء ما؛ فلا دين ولا بيت ولا زوجة ولا وطن.
إن الوجودية - في الواقع - آخر تيار فكري أوجدته المادية الحديثة؛ فهي دعوة إلى عزل الإنسان عن عالمه الروحي، وجعله جسدا حيوانيا، ولا يجد في كيانه شيئا من العواطف والمشاعر الإنسانية، يقول بول سارتر زعيم الوجودية المعاصرة:"إن ما ينبغي أن تكون عليه حياة الوجودي هو توديع ما يسميه الجبناء وجدانا وضميرا، والاستجابة إلى داعي الحيوانية وتلبية كل ما تدعو إليه شهواته، ونبذ كل التقاليد والتعاليم الاجتماعية، وتحطيم القيود التي ابتدعتها الأديان"[١١] .
إن الوجودية تفسد طبيعة الإنسان وتدمّر عقله وقلبه وروحه، وتحوله إلى حيوان بلا عقل ولا قلب ولا روح؛ فهي دعوة خبيثة انتشرت في ربوع أوربا وأمريكا نتيجة لموجة الانحلال عن المسيحية التي انتابت هذه البلاد، وقد حرّكت أصابع الصهيونية تلك الدعوة، وأخذ اليهود يروّجونها لإشاعة الانحلال والفوضى في المجتمعات الأوربية والأمريكية، ثم حاولوا تصديرها إلى بلاد المسلمين بواسطة شباب المسلمين الذين يذهبون إلى بلاد الغرب طلبا للعلم، وهم يوهمون شبابنا بأنها دعوة إلى التحرّر، ويلعب المستشرقون دورا كبيرا في تضليل شباب المسلمين بهذه الدعوة؛ ليتحرروا من الدين ومن العقل ومن الإنسانية، وليصيروا كالأنعام؛ فلا يخشى خطرهم على الاستعمار في أي شكل من أشكاله؛ فتتحقق بذلك أهداف الاستعمار والاستشراق في محاربة الإسلام والتشويش على دعوته.