وعلى العلماء أن يرحلوا إلى هؤلاء الأقليات الإسلامية، فيخالطوهم في مجتمعاتهم وأوساطهم، ويشرفوا على مدارسهم ومساجدهم، ونواديهم وجمعياتهم، وصحافتهم الخاصة بهم، يسعوا للربط بينهم وبين إخوانهم المسلمين في دولهم وشعوبهم ليحسوا بهذه الأخوة الإسلامية روحاً ومادة، وليقوموا بحقوقها وواجباتها.
وتكاد هذه الأقليات في أكثريتها الكاثرة في قارات الدنيا الخمس، لا تعرف عن دينها إلا أنها مسلمة بالوراثة أو بالرحلة، فلا تعرف صلاة ولاصياماً ولا زكاة ولاحجاً، فضلاً عن معرفة الإسلام: حلاله وحرامه وآدابه، فلا تعرف قرآناً ولا سنة ولا فقهاً، ولا تعرف علماً من علوم الإسلام، لا تاريخاً ولا سيرة ولا تراثاً.
وقلة لا تكاد تذكر هي التي تعرف بعض ذلك، وفي بعض الأقليات المسلمة فقط، وهذه المعرفة على قلة أهلها بينهم، لا تروي غلة، ولا تشفي علة، ولا تخرج من جهل.
وقديماً قال نبي الإسلام والعالم صلوات الله وسلامه عليه:"العلماء ورثة الأنبياء ". وما هذا الإرث الذي ورثوا النبوة فيه، إلا الدعوة إلى الله والدعوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والدين الحق دين الإسلام، يدعون إليه بالحال والمقال رحلة ومقاماً، كتابة وخطابة، تعليماً وهداية، باللسان والقلم، وبالمدارسة والمحاضرة والمسامرة في الدار والمسجد والمدرسة، وإن لم يفعل العلماء هذا، فقد أخلوا بواجب الأمانة في الإرث النبوي وأوشكوا أن يشملهم وعيد الله في قوله:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ فأولئك أتوب عليهم وأنا} .