وقول كاتب ثالث [٢١] : "إذا استعرضنا ما قدمنا من الفروع المأثورة في رعاية المصلحة، وجدنا منها ما اعتبرت فيه المصلحة مع معارضتها للكتاب أو السنة أو القياس. فمن الأول: إسقاط عمر سهم المؤلفة قلوبهم. وذلك معرض لقوله تعالى:{وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} ومنه إسقاط حد السرقة عام المجاعة محافظة على الأنفس. وذلك معارض لقوله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} .
ويقول أحد هؤلاء [٢٢]- أيضا -: "وكان في مقدمة من فتح هذا الباب للمجتهدين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وذلك في حوادث متعددة. ومن هذا القبيل: اجتهاد عمر – رضي الله عنه – عام المجاعة في وقف تنفيذ حد السرقة على السارقين، وهو قطع اليد. واكتفاؤه بتعزير السارق عن قطع يده. معتبرا: أن السرقة ربما كان يندفع إليها السارقون – حينذاك – بدافع الضرورة، لا بدافع الإجرام. وفي هذا كما ترى تغيير لحكم السرقة – الثابت بنص القرآن. عملا بتغيير الظروف التي أحاطت بالسرقة".
جواز إسقاط الأحكام
وخلاصة الأمر: فإن هؤلاء يستدلون على جواز إسقاط الأحكام أو تغيرها بما يلي:
١- بالنسخ الواقع في الشريعة الإسلامية. فإنه تغيير للحكم.
٢- بالإجماع على إسقاط حق المؤلفة قلوبهم في زمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه.
٣- برأي ابن القيم في جواز تغير الفتوى بتغير الظروف.
٤- بفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إسقاط عقوبة السرقة عام المجاعة.