للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"تُوجد في العصر الحديث جماعات تدعو إلى الله، ولكنها في الغالب تتخبط على غير بصيرة، فالواجب على دعاة الحق أن يكونوا على بصيرة فاهمين ما يدعون إليه ومتصورين له ومؤمنين به {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (١) .

هاتان صفتان لا تباع محمد عليه الصلاة والسلام:

١-القيام بواجب الدعوة.

٢-أن يكسبوا البصيرة قبل أن يشرعوا في الدعوة.

البصيرة هي: العلم الذي مصدره الوحي، والفقه الدقيق، الذي يستفيد منه الداعية الحكمة، وحسن الأسلوب، وكسب القلوب، والتحبب إلى الناس.

وهذه الجماعات أشبهها بالأحزاب السياسية المتنافسة لمصالحها الشخصية وأغراضها الذاتية، وهي ذاتها محنة من المحن ومشكلة من المشكلات للدعوة والدعاة معاً، إذا بقيت على وضعها ولم تعد النظر في سلوكها ومنهج عملها وبرامجها، وأساليب دعوتها وسياستها، فخطرها على الدعوة يفوق كل خطر يهدد الدعوة من خارجها.

فعلى هذه الجماعات أن تدرس تاريخ الدعاة الأولين من الصحابة والتابعين الذين نطق بهم القرآن، وبه نطقوا، والذين انتشر الإسلام بدعوتهم، بل عليهم أن يفهموا الدين كما فهم أولئك السادة، ويسيروا سيرتهم، وينسجوا على منوالهم، مع ملاحظة الأساليب المناسبة في العصرالحديث، والملابسات والظروف وأحوال الناس، وإن لم يسلكوا هذا المسلك فسوف لا يكتب للدعوة أي نجاح أو أي تقدم لا نه عمل لم يستوف الشروط، وهو عمل غير صالح (٢) .

ثانياً: الإخلاص:


(١) سورة يوسف، من الآية (١٠٨) .
(٢) أضواء على طريق الدعوة إلى الإسلام، ٢١٨-٢١٩.