كثيرةٌ جدًّا، وهي تُبيِّن أنَّ معنى لا إله إلا الله هو البراءة من عبادة ما سوى الله من الشفعاء والأنداد، وإفرادُ الله وحده بالعبادة، فهذا هو الهدى ودين الحق الذي أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه، أما قول الإنسان لا إله إلا الله من غير معرفة لمعناها ولا عمل بمقتضاها، بل لربما جعل لغير الله حظاً ونصيباً من عبادته من الدعاء والخوف والذبح والنذر وغير ذلك من أنواع العبادات فإنَّ هذا لا يكفي العبدَ لأن يكون من أهل لا إله إلا الله، ولا ينجيه يوم القيامة من عذاب الله.
فليست لا إله إلا الله اسماً لا معنى له، أو قولاً لا حقيقة له، أو لفظاً لا مضمون له، كما قد يظنّه بعض الظانين، الذين يعتقدون أنَّ غاية التحقيق في ذلك هو النطق بهذه الكلمة من غير اعتقاد في القلب بشيء من المعاني، أو التلفظ بها من غير إقامة لشيء من الأصول والمباني، وهذا قطعاً ليس هو شأن هذه الكلمة العظيمة، بل هي اسم لمعنى عظيم، وقول له معنى جليل هو أجل من جميع المعاني، وحاصله كما تقدّم البراءةُ من عبادة كلِّ ما سوى الله، والإقبال على الله وحده خضوعاً وتذلّلاً، وطمعاً ورغباً، وإنابةً وتوكّلاً، ودعاءً وطلباً، فصاحب لا إله إلا الله لا يَسأل إلا الله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا يتوكّل إلا على الله، ولا يرجو غير الله، ولا يذبح إلا لله، ولا يصرف شيئاً من العبادة لغير الله، ويكفر بجميع ما يُعبد من دون الله، ويبرأ إلى الله من ذلك.
المطلب الثالث: شروط لا إله إلاّ الله
إنَّ من المعلوم لدى كلِّ مسلمٍ أنَّ كلَّ طاعةٍ يتقرّب بها العبد إلى الله لا تُقبل منه إلا إذا أتى بشروطها، فالصلاة لا تُقبل إلا بشروطها المعلومة، والحج لا يُقبل إلا بشروطه، وجميع العبادات كذلك لا تُقبل إلاّ بشروطها المعلومة من الكتاب والسنة، وهكذا الشأن في لا إله إلا الله لا تُقبل إلا إذا قام العبد بشروطها المعلومة في الكتاب والسنة.