٥- فتح باب الشر للفلاسفة والقرامطة وغيرهم لنشر ضلالهم وباطلهم فقالوا لهؤلاء المفوِّضة أنتم لا تعرفون شيئاً، ونحن نعرف كيف ننزِّه الله فعطّلوا صفاته بأنواع من التحريفات.
٦- تفضيل طريقة الخلف على طريقة السلف، ولهذا قال أرباب هذه المقالة إنَّ مذهب السلف أسلم ومذهب الخلَف أحكم وأعلم.
إلى غير ذلك من الأخطاء والمفاسد التي ترتبت على اعتقاد هؤلاء في مذهب السلف أنَّه التفويض، وعدم إثبات الصفات التي دلّت عليها النصوص ومن يتأمل الأمر حقيقة يجد أنَّ "السلف كلهم أنكروا على الجهمية النفاة، وقالوا بالإثبات وأفصحوا به، وكلامهم في الإثبات والإنكار على النفاة أكثر من أن يمكن إثباته في هذا المكان، وكلام الأئمة المشاهير: مثل مالك، والثوري، والأوزاعي، وأبي حنيفة، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجراح، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي عبيد، وأئمة أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد، موجود كثير لا يحصيه أحد.
وجواب مالك في ذلك صريح في الإثبات، فإنَّ السائل قال له: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ فقال مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول"وفي لفظ: "استواؤه معلوم، أو معقول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". فقد أخبر رضي الله عنه بأنَّ نفس الاستواء معلوم، وأنَّ كيفية الاستواء مجهولة، وهذا بعينه قول أهل الإثبات.
وأما النفاة فما يثبتون استواء حتى تجهل كيفيته، بل عند هذا القائل الشاك وأمثاله أنَّ الاستواء مجهول غير معلوم، وإذا كان الاستواء مجهولاً لم يحتج أن يُقال: الكيف مجهول، لا سيما إذا كان الاستواء منتفياً، فالمنتفي المعدوم لا كيفية له حتى يُقال: هي مجهولة أو معلومة، وكلام مالك صريح في إثبات الاستواء، وأنَّه معلوم، وأنَّ له كيفية، لكن تلك الكيفية مجهولة لنا لا نعلمها نحن.