أدرك الملك عبد العزيز - يرحمه الله - بثاقب بصيرته وصائب نظره أن عظمة الأمم لا تقاس بكثافة سكانها ولا باتساع رقعة أرضها أو بكثرة مواردها وثرواتها، ولكن تقاس بقدرها وما وصلت إليه من تقدم وعلم وتفوق تقني، وبقدر ما تقدم للبشرية من معطيات حضارية، وبالتالي فإن تقدم ونهضة هذه البلاد ومواكبتها للعصر مرهونة بتطور التربية والتعليم فيها. فأكرم أهلها بإصدار المرسوم الملكي الخاص بقيام مديرية المعارف العامة غرة شهر رمضان سنة ١٣٤٤هـ وبالتحديد بعد عام واحد من دخوله مكة المكرمة وهو لم يزل ملك الحجاز وسلطان نجد فقط بحيث لم يستكمل توحيد معظم شبه الجزيرة تحت راية سلطانه.فكانت النواة الأولى لنظام التعليم الحديث في هذه البلاد فقد تقرر في صلاحيتها (الإشراف على جميع مدارس البلاد) وبدأ التدريس في مدارسها في غرة محرم سنة ١٣٤٥هـ.
وكان إنشاء هذه المديرية قد سبق صدور التعليمات الأساسية التي صدرت في ٢١/٢/١٣٤٥هـ (١٩٢٦م) وهي التعليمات التي وضعت نظام الحكم والإدارة. وهذا يدل دلالة واضحة على أن الملك عبد العزيز - يرحمه الله - أراد أن يؤسس الدولة الحديثة على أساس علمي سليم، وتعليم وظيفي يتطلبه المجتمع السعودي الحديث. كما أن هذا يشير أيضاً إلى أن منهجه التربوي يقوم على أساس بناء القدرة المادية عن طريق القوة الفكرية المبنية على أساس علمي وتعليمي حديث.