وبعضهم يتعجّب من بعض كيف خالف في تأويل الصفات، كما يتعَجَّبُ الآخر منه ومن سعة علومه كيف جمد على إثباتها وأَقَرَّهَا. وبعضهم يتعْجَّبُ مِنْ هؤلاء ومِن هؤلاء كيف لم يسكتُوا كما سكت الجمهور، وفوّضوا ذلك إلى الله ورسوله، حتى إن التلميذَ يتعجَّب من شيخه، والمفضولَ منهم مِنَ الأفضل، ونحن نرجو للجميع العفو والمغفرة، ويعد خطأهم مع بذل الوسع، وحسن النية في الأصول والفروع شيئاً واحداً، أعني أرباب هذا النوع، الذين لا مَحِيْدَ لهم عن الكتاب والسًّنة.
[بدع العبادات والعادات]
وأمَّا بدَعُ العبادات، والعادات، فخطبها يسير، وكتلاوة جماعة بتطريب، وأذانهم، وصلاة النصف، والحلاوة فيه، وأمثال ذلك من الشعارات، والهيئات، والنِّيَّات، والحوادث وأشباه ذلك، ولكنّ الخير كله في الإتّباع واجتماع الكلمة.
[مشابهة أهل الذمة في أعيادهم وحكم ذلك]
أما مشابهة الذِّمة في الميلاد، والخميس، والنيروز، فبدعة وحشة.
فإن فَعلها المسلم تديُّناً فجاهل، يزجر وُيعَلَّم، وإن فعلها حُبّاً [لأهل الذِّمة] وابتهاجاً بأعيادهم فمذموم أيضاً، وإنْ فعلها عادةً ولعباً، وإرضاءً لعياله، وجبراً لأطفاله فهذا محل نظر، وإنما الأعمال بالنيَّات، والجاهل يُعذر ويبين له برفق، والله أعلم.
وكتبت هذه النسخة من خط مُؤلِّفها الحافظ الذهبي وقوبلت على خطِّه.
---
(١) سورة آل عمران: آية ٣١.
(٢) سورة الأنعام: آية ١٥٣.
(٣) سيأتي تخريجه ص ٩٥.
(٤) وانظر: ص ٨١ لمزيد الإيضاح عن اسم الكتاب.
(٥) وهي في الأصل أطروحة دكتوراه في التاريخ الإسلامي، ظهرت أولى طبعاتها سنة ١٩٧٦م.
(٦) نسبة إلى "ميافارقين"مدينة من أشهر مدن ديار بكر. انظر عنها: معجم البلدان للحموي: ٤/٧٠٣.
(٧) الذهبي: المعجم المختص بالمحدثين: ص٩٧، بتحقيق: محمد الحبيب الهيلة, نشر مكتبة الصحابة بالطائف سنة ١٤٠٨هـ.