للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كَثُر المنكر والمُحْدَث، فَليَنْهَ الفقيهُ عَمَّا أمْكَنَ من البدع بنِيَّةٍ خالصة، وليحذر الغضبَ، فإن الفُرقة هَلَكَةٌ والجماعة رحمة. ويروى "أنه ما ابتدع قوم بدعة إلاّ رفع منهم من السنة مثلها".

[المشروع في استماع القرآن وأقسام من أعرض عنه]

شَرَعَ الله استماع القرآن، ونَدَبَ إليه، وذَمَّ من يُعرضُ عنه. فأعرض قوم عن حقيقته وفَهْمِه الذيَ يخشع له القلب، ثم صاروا لونين:

لوناً (١) : فتنوا واقتصروا على ظاهره، وعلى تلاوتِه أمانيّ كأهل الكتاب.

ولوناً: طلبوا رقَّةَ قلوبهم بسماع غيره كالرُّهبان.

وكُلٌ من الطائفتين يقول للأخرى: لستم على شيء.

ولا رَيْبَ مع كل منهما نوع من المشروع.

[وقوع التفريط في مسمى السنة والشرع]

وكذا وقع التفريطُ في مُسَمَّى السُّنَّةِ، حتى أخرج عنها بعضُ مسمَاها وعُدَّ بدعة، وأُدخل فيها ما ليس منها بخبر منها قول شاذ.

وكذلك الشّرع أدخل في مُسَمَّاه أشياء في العبادات، والمعاملات، والأنكحةِ، والعقوبات، وغير ذلك مما فيه اختلاف فصار الشرع عند العَامِّي عبارة عَمَّا يحكم به قاض وإن كان جاهلا.

أمَّا الشَّرْعُ المُنَزَّل فما ثبت بالكتاب والسُّنَّة والإجماع.

وأما الشرع المُبَدَّل، كما يصدر من جهة الحًكَّام، والوكلاء، فالمنزَّل واجب، والثاني شائع، والثالث منهيُ عنه.

الطيّبَات، أحلها الله لنا وحَرَّمَ الخبائث.

فأما اليهود فبِظُلمٍ منهِم حَرَّم الله عليهم طيبات، وحمل عليهم آصارا ً كما قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ} (٢) الآية.

فالمُحَرَّمُ خبيث: كالدِّم، والميْتَةِ، وأكْلِ مالٍ بالظُّلمِ، كالرِّبا، والقِمَار، وأكْلِ السم، والسِّبَاع، والرَّخَم، وكُلِّ حيوان خبيث الغِذَاء، إذ الاغتذاء به يورث الطبع بغيا، واعتداء.