للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الرازي وجوها مختلفة لذلك مال إلى أحدها فقال: "الأقرب عندي أن الشيء إذا كان مستنكراً مستقبحاً، فمن أراد المبالغة في التنفير عنه بعبارات كثيرة ليصير توالي تلك العبارات سببا لوقوف العقل على ما فيه من القبح"ثم ذكر قولا آخر هو أنَّ قوله: {إِلَهَيْنِ} لفظ واحد يدل على أمرين: ثبوت الإله، وثبوت التعدد، فإذا قيل: لا تتخذوا إلهين، لم يعرف من هذا اللفظ أنَّ النهي وقع عن إثبات الإله أو عن إثبات التعدد أو مجموعهما فلما قال: {لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} ثبت أن قوله: {لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ} نهي عن إثبات التعدد فقط". وذكر وجوها أخرى يكفي منها ما ذكرناه.

٤- قوله تعالى: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} (١) . ومن المعلوم أنَّ السقف لا يخر إلا من فوق, وأجاب الرازي على هذا القول: "وجوابه من وجهين:

الأول: أنْ يكون المقصود التأكيد.

الثاني: ربما خَرَّ السقفُ ولا يكون تحته أحد فلما قال: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} دلَّ هذا الكلام على أنهم كانوا تحته، وحينئذ يفيد هذا الكلام أنَّ الأبنية قد تهدمت وهم ماتوا تحتها". وقال بهذا ابن حيان في تفسيره.

٥- قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً} (٢) .

والإسراء من السُّرى كالهُدى وهو سير عامة الليل , وإذا كان الإسراء لا يكون إلا بالليل فما معنى ذكر الليل هنا.

وقف كثير من المفسرين عند هذا المعنى وكأنهم اتفقوا على التعليل بأنه أراد بقوله ليلا بلفظ التنكير تقليلَ مدة الإِسراء, وأنه أُسري به في بعض الليل من مكة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة.