للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويبقى أن نلقي نظرة تحليلية على كلا الخبرين تذكِّر القارئ بواقع لا ينبغي أن نغفله عندما نطالع بعض الكتب المؤلفة عن مجون ذلك العصر، وما أكثر تلك المراجع التي صنفها القُصاص فشحنوها بما صح وجُرح دون أن يأبهوا بقرب ذلك أو بعده من الحقيقة، إذ كانت همتهم في الغالب منصرفة إلى التنافس في إيراد الغرائب ليستكثروا من قرائها ورواتها، وليحققوا لأنفسهم المكاسب التي يلتمسونها بالوصول إلى مجالس الكبار، ومن أمثلة ذلك ما يرويه الأصفهاني نفسه عن أحد هذه الكتب الموسوم بـ (الأغاني الكبير) منسوبا إلى إسحاق بن إبراهيم الموصلي وفيه يقول حماد بن إسحاق: (ما ألف أبي هذا الكتاب قطّ ولا رآه، ويؤكد ذلك أن أكثر أشعاره المنسوبة إنما جُمعت لما ذكر معها من الأخبار وما يجيء فيها إلى وقتنا هذا) ومعنى ذلك أن كاتب الخبر يسمعه فيَروقه فيخلطه بالإضافات المناسبة فلا يلبث أن يشتهر بذهن الناس وفي كتب الرواة على أنه نسيج واحد، كما يفعل القاص يقع على كلمة مؤثرة فيحوك بها وحولها قصة فنية نستمتع بقراءتها دون أن نبحث عن حقيقتها..

وما أكثر الأسباب التي تساعد على هذا الاتجاه في ظل الترف وغضارة الحياة.

شهادات حق: