ومنهم من قال هي متعلقة بالجواب، والجملة التي بعدها في موضع خفض بإذا، إلا إنها لا يقع بعدها إلا جملة فعلية، لأجل ما فيها من السبب، ولا يقع بعدها المبتدأ أو الخبر إلا في ضرورة الشعر.. إلى أن يقول:
وعلى هذا أكثر النحويين؛ لأنّ إذا في الأصل ظرف، والظرف يطلب ما يضاف
ــ
(١) سورة النمل آية: ١٢.
(٢) من قوله: وجاء بعض المتأخرين، وما تعقب به على هذا القول إلى هنا المعنى بهذا الزمخشرى، فالقول قوله في المسألة كما في الكشاف ١/٢٦-٣٢.
إليه، والسببية تطلب مرد الكلام، فيلزم لهذا أن يكون جوابها مؤخراً، فإن جاء: أكرمُك إذا جئتني فجوابها محذوف، تقديره: أكرمك إذا جئتني يكون ذلك، ولا تتعلق بأكرمك، كما أنك إذا قلت: أكرمك إن أكرمتني، فجواب إن محذوف، تقديره: أكرمك إن أكرمتني يكن ذلك، فالفعل الأول دل على الجواب لا هو الجواب.
وتقول العرب: إن زيد قام فأكرمه، فزيد فاعل بفعل مضمر دلت عليه قام الظاهر، ويكون هذا بمنزلة قوله تعالى:(وَإنْ أَحَدٌ منَ اْلمُشْرِكِينَ استجارك فَأَجِرْ هُ)(١) فأحد فاعل بفعل مضمر، وكذلك قوله تعالى:(إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وَإذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ، وَإذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ)(٢) .
فهذه كلها مرفوعات بفعل محذوف دلت عليه هذه الظواهر، فتعرب الشمس كورت مفعولاً لم يسم فاعله لا مبتدأ، لأن السببية تمنع من ذلك، وقد نص أبو على في الإيضاح (٣) على هذا وهو الصواب.
ومنهم من قال: إذا تضاف إلى الجملة الفعلية وإلى الجملة الاسمية، وتتعلق بما قبلها وبما بعدها لأنها ظرف، والظرف يتعلق بما قبله وبما بعده، فجعل "إذا الشمس كورت "الشمس: مبتدأ، كورت خبره، وفي هذا بعد، إذا لو كان كما قيل لجاز: إذا زيد قائمٌ. أكرمك، وهذا لا يقع إلا في ضرورة الشعر، وهو قليل في الضرورة والذي ذهب إليه أبو على (٤) أصح الأقوال الثلاثة- والله أعلم. (٥٤) .