فأمّا المسائل النحويّة التي تطرق لها ابن أبي الربيع فكثيرة في هذا السفر وليس من غرض هذا البحث حصرها، ولكني أقف عند مسائل بعينها، منها السهلة التي لا يختلف في فهمها حذاق العربية وعامة الدّارسين لعلم العربية، ومنها الدَّقيقة التي كانت معترك الاقتران، وقد عرض ابن الربيع كل ذلك بشيءٍ من البسط تارة وأوجز القول تارة أخرى، وكان له موقفٌ من كل ما عرضه، إمّا الترجيح لمذهب ورد ما يعارضه، وإمّا ردّ القول واختيار ما يراه متوجهاً نحو الصحة، وذلك بعد مراجعة طويلة للمسألة أفضت به إلى ما انْتَهى إليه في ترجيح ما رجحه واختيار ما اختاره، ويعرضُ البحث فيما يلي بعضاً من المسائل التي تناولها ابن أبي الربيع في هذا السفر من تفسيره.
أولاً: الخلاف في مُتَعلّق الجار والمجرور:
اسْتهلّ ابن أبي الربيع تفسير الكتاب العزيز وإعرابه بذكر الخلاف في متعلَّقِ الجار والمجرور بين البصريين والكوفيين في "بِسْمِ "ثُمَّ أورد قَوْلاً ثالثاً في المسألة نسبة لبعض المتأخرين ظاهر الموطأة لمذهب الكوفيين، وقد أبدى ابن أبي الربيع على كِلّ قولٍ من الأقوال الثلاثة مأخذاً لكنَّهُ مال إلى ما ذهب إليه البصريون، وَوَهَّن ما ذهبَ إليه الكوفيون، وردّ قول بعض المتأخرين ووجّه ردّه لذلك القول بما أسعفه به فقهه للمسألة ودقّة فهمه، ومِمَّا قاله في المسألة:
(ذهبَ البَصرِيُّون إلى أنَّه في تقدير: ابْتدائي بِسْمِ اللَّهِ، فبسم اللَّهِ عِندَهُم خَبَرْ مُبْتَدَأٍ مَحذُوفٍ.
ونصب الكُوفِيُّونَ إلى أنَّه في تَقْدِيْر: أُبْدَأً بِسم اللَّهِ (١) .