للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عندئذ رأى السلطان قلاوون أن أخطر هؤلاء الأطراف الثلاثة المتآمرين هم المغول، عقد صلحا مع الصليبيين من داوية واسبتاريه ومع بوهيمنند السابع أمير طرابلس، مدته عشر سنوات، وذلك عام ٦٨٠ هـ (١٢٨١م) . وعفا عن الأمير سنقر الأشقر وعينه حاكما على أقليم أنطاكية، واتفق مع الصليبيين في عكا بأن يكونوا على الحياد. وبهذا تفرغ لمقارعة المغول الذين عادوا التوجه نحو الشام بقيادة أبغا، يؤازرهم حليفهم ليو الثالث ملك أرمينيا الصغرى، فالتقى بهم قلاوون عام ٦٨٠ هـ (١٢٨١م) في حمص وهزمهم بعد أن (هلك منهم خلق كثير) .

وهنا قرر الناصر أن ينتقم من الصليبين مستغلا، نصره على المغول وغير عابئ بصلحه معهم عام ٦٨٠ هـ الذي كانت مدته عشر سنوات ولما يمض عليه سوى أربع سنوات فهاجم عام ٦٨٤ هـ (١٢٨٥م) حصن المرقب، ففتح ذلك الحصن الهام الذي كان فتحه خسارة كبرى للصليبيين لأنه أن أهم حصونهم ثم أتبع ذلك بالاستيلاء على اللاذقية عام ٦٨٦ هـ (١٢٨٧م) التي كانت آخر أملاك إمارة أنطاكية المتبقية بين الصليبين. بعد ذلك جاء دور طرابلس، وكانت حصينة، وقد مات أميرها بوهيمند السابع دون وريث، فدب النزاع بث الطامعين في إمارتها، حتى استعان بعضهم بالسلطان قلاوون، فاستغل هذه الفرصة وهاجمها في جيش لجب يضم أربعين ألفا من الفرسان وأكثر من مائة ألف من الرجال، وفتحها سنة ٦٨٦ هـ (١٢٨٩م) . ثم استولى على بيروت وجبله وبهذا لم يبق بيد الصليبيين سوَى صور وصيدا وعتليت وعكا التي كانت مركز مملكة بيت المقدس بعد سقوط القدس.