واتفق أهل المدينة، وعلى رأسهم أبو أحمد الهاشمي، ومحمد بن الزيات، على أن يكون الهاشمي وابن الزيات أميري الثغر، وأن يخطب لهما معا. وأرسلوا رسولا إلى مصر ليعلم أنوجور وكافور بالأمر، ولجلب الميرة والمال، لانفاقهما في الثغر. وكان الخليفة المطيع لله (٢٣٤-٢٦٣ هـ) قد كتب لأنوجور بن الإخشيد على مصر، والاسكندرية، والشام، وقبرص، على أن يحمل إلى حضرته كل سنة مائة ألف دينار، وولاه أمورها سوى الخطابة والحكومة، على أن يحمل إلى طرسوس في كل سنة خمسة وعشرين ألف دينار، وتفرق في المستحقين ببلاده مائتي ألف دينار [١٦٤] . ولكن أنوجورِ وكافور لم يرسلا شيئاً إلى طرسوس، فقام سيف الدولة بمراسلة الهاشمي وابن الزيات سرا عن رشيق النسيمي، وتم الاتفاق على إعادة الدعوة لسيف الدولة مقابل رد الوقوف المقبوضة، وإرسال مال إليهما لينفقاه بالثغر.
واختلف الهاشمي وابن الزيات، فاعتقل الأول، وسجن مع جماعة من أتباعه ولكنه تمكن من الهرب، ولجأ إلى سيف الدولة، ثم عاد إلى طرسوس في غياب ابن الزيات للجهاد، وحاول أن يخلص أصحابه، فهاجمه عامة الناس، وقبضوا عليه، وسلّمه لابن الزيات عندما عاد، فسجنه. ويقال أن صاحب البحر في طرسوس الذي تولى نقله إلى سجنه، قتله.