للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانتعشت الخلافة في عهد المعتمد (٢٥٦- ٢٧٩ هـ) على يدي أخيه أبي أحمد الموفق، الذي واجه حركة الزنج بقوة وجرأة. وولي أحمد بن طولون مصر، وكان يؤثر أن يلي طرسوس ليغزو منها أميراً. فكتب إلى أبي أحمد الموفق يطلب ولايتها، فلم يجبه، واستعمل عليها محمد بن هرون التغلبي، فقتل قبل وصوله. فاستعمل عوضه محمد بن علي الأرمني، وأضيف إليه انطاكيا، فوثب به أهل طرسوسِ فقتلوه. فاستعمل عليها أرخوز بن يولغ بن طرخان التركي، فسار إليها، وكان غرّاً جاهلاَ فأساء السيرة، وأخذ عن أهل لؤلؤة أرزاقهم، وميرتهم، فضجوا من ذلك، وكتبوا إلى أهل طرسوس يشكونه ويقولون: "إن لم ترسلوا إلينا أرزاقنا وميرتنا، وإلا سلمنا القلعة إلى الروم ". فأعظم ذلك أهل طرسوس، وجمعوا من بينهم خمسة عشر ألف دينار، ليحملوها إليهم. فأخذها أرخوز، ليحملها إلى لؤلؤة، فأخذها لنفسه. فسلّموا القلعة إلى الروم. فقامت على أهل طرسوس القيامة، لأنها كانت شجاً في حلق الروم، فلم يكن يحرج الروم في برّ أو بحر إلا ردّوه وأنذروا به.

واتصل الخبر بالمعتمد، فقلد أحمد بن طولون طرسوس والثغور، واستعمل عليها من يقوم بغزو الروم ويحفظ ذلك الثغر عام ٢٦٣ هـ[٦٨] .