للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقام يوسف بتنظيم الجيش للتّحرّك من ظاهر أشبيلية، فجعل القوات الأندلسية لوحدها في المقدمة بقيادة المعتمد بن عباد، لمعرفتها التّامّة بأرض الأندلس، في حين جعل الجيوش المرابطيّة في المؤخرّة، ثمّ أمر بالتّحرّك إلى بطليوس، فتلقّاهم المتوكلّ عمر بن محمد الأفطس بما يجب من الضّيافات والأقوات وبذل المجهود (١) . فأقام الجيش هناك ثلاثة أيام للرِاحة في طرطوشة بالقرب من بطليوس (٢) .

Image p (١٨٧)

علم أمير المسلمين بتقدّم الجيوش الصّليبية، فأمر الجيش الإسلامي بالتّحرّك، إلى مكان مناسب، اختاره مع القادة ليكون موقع المعركة الفاصلة، وهذا المكان موضع سهليّ من عمل بطليوس وأحوازها على مسافة ١٢ كم شمالها الشرقي، في العدوة الشمالية للوادي اليانع، وبينه وبين نهر تاجه، تتخلله الأحراش، ويقع على حدود البرتغال الحاليّة (٣) ، ويسميه المسلمون (الزلاقة) ، ويسميه الأوروبيون (ساكر الياس) (٤) .

وفي هذا المكان وضع أمير المسلمين ترتيباً جديداً للجيش الإسلامي استعداداً للمعركة الفاصلة، فجعل الفرسان المرابطين وعددهم عشرة آلاف في طَليعة الجيش، بقيادة أبي سليمان داود بن عائشة أشهر قادته الكبار، وذلك ليتلقّوا الصدمة الصليبية الأولى.

وجعل قوات الأندلس تليهم، وكانت تؤلف وحدها جيشاً خاصّاً، منفصلاً عن جيوش المرابطين، يقودها المعتمد بن عباد أمير أشبيلية أشهر ملوك الطّوائف.

كما جعل جيشه في المؤخرة، وعلى مسافة كبيرة من جيش الأندلس، وراء أكمة ليوهم العدو أنّ الجيش الذي يواجهه هو الأوّل والثّاني فقط.


(١) نفح الطيب جـ٤ ص٣٦٤.
(٢) انظر عن طرطوشة ياقوت جـ٤ ص ٣٠ وعن بطليوس: ياقوت جـ٤ ص ٤٤٧/ التواتي ص ٢٩٤.
(٣) عنان- دول الطوائف ص ٣٢١.
(٤) التواتي ص ٢٩٥ وانظر الحجي- التاريخ الأندلسي ص ٤٠٥.