للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن جرير: "يقول جل ذكره: وإن طائفتان من أهل الإيمان، اقتتلوا، فأصلحوا أيها المؤمنون بينهما بالدعاء إلى حكم كتاب الله، والرضا بما فيه لهما وعليهما وذلك هو الإصلاح بينهما بالعدل، فإن بغت إحداهما على الأخرى، يقول: فإن أبت إحدى الطائفتين الإجابة إلى حكم كتاب الله لها أو عليها، وتعدت ما جعل الله عدلا بين خلقه وأجابت الأخرى منهما، فقاتلوا التي تبغي؛ أي التي تعتدي وتأبى الإجابة إلى حكم الله حتى تفيء إلى أمر الله، أي حتى ترجع إلى حكم الله الذي حكم في كتابه بين خلقه، فإن فاءت {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ} يقول: فإن رجعت الباغية بعد قتالكم إياهم إلى الرضا بحكم الله في كتابه فأصلحوا بينها وبين الطائفة الأخرى بالعدل يعني الإنصاف بينهما وذلك حكم الله في كتابه جعله عدلا بين خلقه"وهذا ليس فيه قتال الأئمة الذين بأيديهم السلطة، بل هذا نوع آخر وإنما المأمور به في هذه الآية دفع الفتنة وتقليلها ما أمكن بالإصلاح أو بالقتال إذا لم يمكن بدونه، فتقاتل الفئة الباغية على الأخرى، حتى تذعن لحكم الله، ويصير الدين كله لله وكلمة المسلمين مجتمعة.

والمأمور بالقتال هم المؤمنون الذين ليسوا من إحدى الطائفتين، أمر الله تعالى بأن يقاتلوا من بغى على أخيه، وتعدى بقتال، ولم يقبل الصلح بالعدل، فقتال مثل هؤلاء من باب الجهاد، ونصر المظلوم.